دير سيدة حماطورة صامد كأيقونة على صدر الطبيعة

mjoa Wednesday October 17, 2012 150

hamatoura6يتمتع دير سيدة حماطورة الأرثوذكسي بموقع مميز بين الصخورفي وسط جبل مطل على بلدة كوسبا، بارز كالإيقونة على صدر الطبيعة، ما يشد المؤمنين للصلاة والحج والمستكشفين للغوص في تاريخه بالرغم من الصعوبات التي تعترض قاصده في درب مدرّج صعوداً في الجبل. ويعود الدير تاريخياً إلى القرن الخامس ميلادي.

 

 

وقد صمد بالرغم مما تعرض له من اضطهاد في مختلف الحقبات خصوصاً في عهدي المماليك والعثمانيين. ففي أيام المماليك كانت الجيوش تصادر منتوجات الدير، وتعذب الرهبان، وتعاملهم بقسوة. وكان أهالي القرى المجاورة يهّربون الشبان لكي يحتموا في كنفه، فتجمع حوله بعض الأهالي، وعملوا مع الرهبان على إنشاء قريّة «كربريبا». ولكن سكانها انتقلوا منذ نحو نصف قرن إلى القرى المجاورة للعمل والعلم.

hamatoura2

 

 

 

 

 

 

hamatoura1بالإضافة إلى العنف البشريّ، تعرض الدير للعديد من العوامل الطبيعيّة القاسيّة، وعدد من الزلازل كان أبرزها في العام 1600، حيث صمد الرهبان فيه حتى العام 1917، حين ضرب لبنان زلزال كبير أدى إلى ردم جزء كبير من الدير. والجهود المستمرة حتى اليوم لم يتمً ترميم سوى 10 في المئة من الحجم التاريخي للدير. وتشهد المخطوطات على التاريخ العريق للدير حيث يعود أقدمها للقرن العاشر. ويؤكد مخطوط لسائح روسي زار الأديار في لبنان أن دير حماطورة كان يمتد على كامل الجبل بحسب وصفه الدقيق له.

 

 

 

وتعود الأيقونات المنقوشة على جدرانه إلى حقبات مختلفة، من القرن الخامس والسادس. ولكن القسم الأكبر منها رسم في القرن العاشر، إثر حرب الأيقونات التي بدأت بعد صدور قرار عن الإمبراطور آنذاك بمنع تكريم الأيقونات في الكنائس، فباشر الجنود بتلفها والتعرض إليها بمختلف الوسائل. ويشبه دير سيدة حماطورة بعض الأديرة في تركيا، وأخرى في فلسطين من حيث مكانه وامتداده على كامل الجبل. وفي ناحيّة أخرى يشبه أديرة يونانيّة وروسيّة التي تضم إلى جانب الدير الرئيسي عدداً من المناسك والأديرة الصغيرة والكنائس التابعة لرئيس دير واحد، فهو يضم إلى جانب «كنيسة رقاد والدة الله حماطورة»، منسكا لمار إلياس، وآخر للقديس يوحنا المعمدان، وكنيسة القديس مخائيل، ودير القديس جاورجيوس، التابعة لرئيس الدير الأرشمندريت بندليمون الفرح.

hamatoura monksوناهز عدد الرهبان في حماطورة 200 راهب، لكن سرعان ما تقلص العدد بعد حقبات الاضطهاد المتتاليّة. وهم اليوم عشرة. إذ إنه في العام 1992 أتى إلى الدير راهب من جبل آثوس في اليونان، وحاول جاهداً النهوض به لكنه لم يتمكن لصعوبة العيش فيه وهو مدمر، إضافة الى موقعه وسلوك طريقه الوعرة، ونقل الأغراض اليه حملاً بالأيادي، أو على ظهر البغال. وفي العام 1993 قدم الأرشمندريت بندليمون فرح إليه، إثر حريق شب فيه، بسبب إضاءة الشموع من قبل المؤمنين، وعمل على إعادة تأهيله، ما أدى إلى إظهار أيقونات القرن السادس، التي لم يتمكن الرهبان من إعادة ترميمها بعد هجوم العثمانيين، وتلفها عام 1770، فطلوها بالطين الأبيض الذي تكسر من شدة الحرارة أثناء الحريق.

 

 

 

hamatoura4وفي العام 2008، أثناء استكمال عملية الترميم على أيدي الرهبان، عثر تحت الأرض على أربع جثث مدفونة، تبين أنها تعود لشهداء تعرضوا للضرب لظهور عظامهم مكسورة. وإحدى الجثث مقطوعة الرأس وعظامها محاطة بطبقة من الكلس. وبحسب العلماء، إن وجود طبقة من الكلس على الجثة يعود لسببين، الأول، طبيعة التراب التي تحيط بالجثة، والتي قد تحتوي على الكلس. وذلك لا ينطبق مع طبيعة التراب تحت الكنيسة، أما الثاني، فهو أن تكون الجثث قد تعرضت للاحتراق. فتأكد حينها الرهبان أن احدى الجثث تعود للقديس يعقوب الحماطوري، لتطابق مكان وجود الجثث مع ظهور القديس العجائبي من جهة، والتاريخ المحدد في المخطوط لاستشهاد القديس الذي أسس الرهبانية في الدير من أيام المماليك من جهة أخرى.

 

 

 

hamatoura3hamatoura5

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share