الغني ولعازر

mjoa Thursday November 8, 2012 286

يفصح هذا المثل عن ثلاثة مشاهد درامية:
الأول:- وصف حياة الغني ولعازر:
الغني: – يلبس الثياب الفاخرة (يحتفل كلَّ يوم بسخاءٍ دنيوي).
– يلاحظ عدم إدانة هذا الغني من قبل الرب وعدم تجريمه بأي خطيئة.
لعازر: – معنى اسمه (الله يعين، أو معيني) وهذا كان ما يحياه حقيقةً.
– بالنسبة للبشر ومنهم “الغني”: جائع، مريض، بل يلبس المرضَ ويتزيّى بالقروح التي تلحسها الكلاب مما يشي بابتعاد الإنسان عنه.
– بينما يحتفي الغنيُّ كلَّ يوم محاطاً بحاشيته يرقد لعازر عند بابه يحاول الحياة بما يتساقط من مائدة الغني وبجانبه الكلاب.
الثاني: مشهد موت الرجلين (لعازر والغني):
يلاحظ هنا بالنسبة لــــــــ لعازر: – رجل ضعيف، مريض، جائع، فمن الطبيعي أن يموت سريعاً
– لم يُذكر أن أقيمت له جنازة
– لم يدفن بل انتقل (رقد)، ربما لم يكن له مَن يقيمها، إنكارٌ في الحياة وإنكارٌ أيضاً في الموت.
– عاشرته الكلاب مات فنقلته الملائكة إلى حضن إبراهيم.
أمّا الغني: – دُفن عند موته مما يدل على أنه هناك مَن اعتنى بموته أيضاً
– من اعتنى بجسده (حياته كلُّها كانت جسدانيّة) يتابع هذا الاعتناء حتى الموت.
– لذلك مات بعد موتِ لعازر، الأمر الذي باستطاعتنا قراءته على أنه رحمة من الرب، فرصة أخرى للتوبة.
الثالث: نهاية الرجلين (الغني ولعازر):
– لقد عاش الرجلان على الأرض في عالمين مختلفين وسلكا طريقين مختلفين، لذا كانت النهاية لهما أيضاً في مكانين مختلفين وبالتالي عالمين مختلفين.
– الغنيّ في الجحيم ولعازر في الملكوت، ولكن السؤال هو لماذا؟ لما كانت نهاية الغنيّ في الجحيم؟ ماذا فعل هذا الغني ليستحق نهاية كهذه؟
– الجواب هو إنه لم يفعل شيئاً !!!؟؟؟ لم يفعل شيئاً لــــــــ لعازر !! لم يلتف إليه، لم يلحظه، بل لم يضربه أو يطرده من بابه، ببساطةٍ لقد تجاهله، لقد اعتاده كقطعة من تضاريس الأرض المحيطة ولكنها مشهدٌ بشعٌ. لعازر كان مستلقٍ هناك عند بابه حتى مماته، لم يراه لأنه لم يعِ سوى شخص واحد هو ((نفسه)) فقط، كانت هذه خطيئته. ليس لهذا المثل أي تأثير على حياتنا إن لم ندرك أننا أغنياء حقاً، ولكن رب سائل: كيف وأنا لست غنياً لا بل أٌتبر من الفقراء؟؟؟!!! بلى، إنك غنيٌ ووافر الغنى أيضاً، هناك دائماً من هو أفقر منك……….!
فقط يلزمك أن تتأمّل بعينيك الداخليتين حياتك اليومية ونعم الله عليك بشكرٍ كبيرٍ…..
ولكن: ماذا عليَّ أن أفعله ؟؟؟!!!!….. هناك الكثير مما يمكنك القيام به، بإمكانك أن تشترك وأعضاء من رعيّتك في إطعام بعض المساكين وما أكثرهم هذه الأيام …. والأهم من هذا أن الغني لا يُحسب نسبة إلى ملكيته الماديّة. العطف، الحنان، الحب، التفهّم، الصبر، غفرة الخطايا…. كلّ ذلك يُعدُّ غنىً لا بل هو الغنى والمحتاجون إليه كثرٌ وهم على عتبة باب قلبك.
يستلقي عالمٌ يتضوّر جوعاً لـــــ: المحب، التفهّم، الصبر والمغفرة عند عتبة حياتك اليوميّة، لكلٍ منّا لعازره وهو بقربه، علينا أن نبحث عنه، أن نراه، أن نرى إلى وجهه، قروحه وخاصّة النفسيّة، عوزه…… إنه يحتاج إلى أكثر من كسرة خبز.
أرسلْ لعازر، تلك كانت المرّة الأولىالتي ينادي الغني بها اسم لعازر ومع ذلك كان طلبه مشكوكاً بأن يحمل محبةً، إنه يخفي خوفاً من العذاب والألم.
العجب أن الرب لم يكتفِ بإرسال موسى والأنبياء لنا بل حضر هو نفسه لا ملاكاً ولا نبياً، هو الذي مات صلباً وقام من بين الأموات وما زال هناك إلى الآن من هو غنيٌّ ويشابه غنيَّ المثل، لقد شابه المسيح مخلصنا لعازرَ المثل لا بل لعازرُ كان وحياً له، أضجع في مذود البهائم على باب هذا العالم الغني بالصخب وصار “مجروحاً لأجل خطايانا ومعاصينا” لقد ماثلنا وحمل عنّا كلَّ ألم ولم يزل، نحن أخوته الخمسة، لذلك لا نسألنَّ علامةً أخرى غير هذه: “لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية”. فلنصغِ إذاً بحرصٍ وانتباه إلى الكلمة الإله ولنسأله أن نلحظ لعازرنا، بالأحرى نلحظه هو في كلِّ لعازرٍ، ليصحبنا إلى ملكوت السموات.
آميـــــــــــن

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share