على بعد أمتار من ساحة البلدية وَسَط مدينة الميناء، يقع بناء كاتدرائية القديس جاورجيوس، الذي شُيّد تحت إشراف المطران كير مكاريوس، بعد الحصول على إذن من الوزير إبن العظم والي طرابلس، وكان ذلك عام 1732، وقد كرّست عام 1735على يد مطران طرابلس نكتاروس.
لا تفسر المعلومات الوافية حول بناء الكاتدرائية، تاريخ ظهور المغارة الواقعة تحت مذبح الكاتدرائية الرئيسي، على عمق أمتار عدة.
وفي هذا السياق، يشير الدكتور جان عبد الله توما، مؤلف كتاب “الأرثوذكس بشراً وحجراً”، إلى أنّ “من غير الواضح متى اكتشفت مغارة مار جرجس، وإن كان بالصدفة أثناء حفريات ما أو بالتوارد، وإن كان للبئر الموجود في رواق سيدة الينبوع علاقة بوجودها كجيب صخري طبيعي لحفظ الماء”.
للوصول الى المغارة، لا بدّ من النزول عبر دُرج حجري يؤدي الى مدخل منخفض، يفضي إلى باحة المغارة. في الوسط يمكن للمرء أن يقف بكامل طوله، لكن ذلك متعذّر في أطرافها الأخرى، ولا بدّ من الانحناء لكي لا تصطدم بالصخور المتدلّية من الأعلى. لم يؤكد تاريخياً هل استعملت المغراة مكاناً للصلاة، لكن ما يعرف هنا أنّ هناك سرداباً يفضي إلى البحر، قد يكون حفر أيام المسيحية الأولى، عندما كانت الصلاة تحصل سرا وكان المؤمن يلاحق على قناعته.
“لا نقوش هنا أو رسومات بل أيقونات وشموع يضيئها الزوار الذين يتوافدون الى المغارة من كل المناطق ومن مختلف الطوائف”، بحسب المتقدم في الكهنوت غريغوريوس جرجي موسى الذي يقول إن “الساحة المقابلة للكاتدرائية، وبالتالي المغارة، كانت تعرف سابقاً “بترب المسيحية”، إلا أنّ رفات الموتى نقلت من هذه الساحة عام 1872، وتمّت إعادة تخطيط المنطقة بحيث تحوّلت ساحة عامة تحمل اسم ابن الميناء طبيب الفقراء الدكتور يعقوب اللبان، وفيها نصب له، كتب على قاعدته الرخامية قصيدة لمختار الميناء في ستينيات القرن الماضي إدوار روحانا “أبا الفقراء جاورت الترابا وأديت الرسالة والحسابا”.
ويشير الكاهن موسى الى أنه يستقبل الزوار الآتين الى المزار مستفسراً عن سبب قدومهم، “ليس من باب الفضول بل لأنني أحاول فهم مشكلتهم لأساعدهم إذا أمكن في فهمها أو في توجيههم، قبل أن ينزلوا الى المغارة ويلتمسوا الشفاعة من القديس جاورجيوس لمداواة مريض أو إرشاد الى الصواب أو بالدعوة إلى الشفاء”، معتبرا أن “الشفاعة لدى الصالحين والأولياء موجودة لدى المسلمين والمسيحيين، لأن هؤلاء الصالحين المنتقلين الى الحياة الأخرى، نأمل أن يكونوا قد نالوا حظاً عند ربهم، ونحن نتشفع لديهم، لأنّ المزار يحمل اسم القديس الذي استشهد في سبيل الايمان”.