“قبْـل أن يـأتـي الإيـمان كـنّـا محـفـوظين تحت الناموس”. معنى بـولس أن الإيمان هو الإيمان بيسـوع المسيـح. هـذا عنـده هو الإيـمـان الكـامـل. قبـل ذلك كان النـامـوس اي شريعـة مـوسى. في ظلّها كان مغـلـقـًا عـليـنـا بانتظـار الإيمان بيسـوع. هنا استـعـار بـولـس صـورة المـؤدّب ويعـني بها الخـادم الذي كان يرافـق الطـفـل الى المدرسـة. قبـل الإيمـان بالمـسيـح كان فـقـط هذا الخـادم (النـاموس) الذي كـان يسـوقـنا الى المسيـح.
الآن صرنـا “أبناء الله بالإيمان بيسوع المسيـح”. هنا يعطي بولس للإيمان صورة الثوب المـلتـصق بنا اي الذي صرنـا واحدًا معـه وواحدًا بـه فيـقـول: “انـتـم الـذيـن بالمسيـح اعتـمـدتـم المسيـح لبستـم”. لا يـوجـد شـيء آخـر سـواه، ولهـذا زال الافـتـراق بين اليهـودي واليونـاني (ويقصد هنا الوثني) وزال الافـتراق بين العبد والحر (وفي عهد بولس كان المواطنون الـرومان يُـقسمـون الى عـبـيـد وأحـرار، والعـبـد ليـسـت لــه شـخـصـيـة قـانـونـيـة). لـيـس الـمـهـم ان يكـون الانسـان عـبـدًا او حـرًّا، وليس الـمـهـم ان يـكـون ذكـرًا او أُنـثـى.
يبقى كل منّا (العبد او الحر، الذكر او الأنثى) على حالـه علـى المستـوى القـانوني. تـزول الفـوارق الاجتماعية او تلك المتعـلـقـة بالجـنـس “لأنـكـم جـمـيعـكـم واحـد في المسيـح يسـوع”.
قبـل الـتـصـاقـنـا بـالمـسيـح كـنـا كـالأطـفـال الذين هم “تحت الأوصياء والوكلاء، متعبّدين تحـت أركـان العـالـم” اي خـارجيـن عـن الإيمان. “فـلما حـان ملء الزمان (اي هذا الذي يتحقق فيه مشروع الله، المشـروع الكـامـل)، أَرسـل الـلـهُ ابنه مولودا تحت النـامـوس (الشـريـعـة الـيـهوديـة)، مـولـودًا مـن امـرأة ليفـتـدي الـذيـن تحـت النـامـوس” وهم اليهـود ولكنـهـم لا يُـفـتـدَون وحدهم. غيـر أن كلمـة الخـلاص أُرسلـت الـيـهـم بـدءا. وغـايـة الافـتـداء أن نـنـال الـتبـنـي.
في عـقـل بـولـس الـرسـول كـنـا أبـنـاء الغـضـب بسـبـب مـن الخـطيئـة أي مـا كـنا مـدركـيـن انـنـا أبـنـاء الله في خطـة الله. جعـلنـا الـرب أبنـاء بفـضل بنوّة المسيـح للآب وشراكـتنا للمسيح. فـنحن إخـوة لـه. وكما أن الابن هو ابن الله في الجوهر صرنا أبنـاء الله بالنعمة. بنوّتنا لله مكتسبة، أمّا بنوّة المسيح لأبيه فجـوهـريـة سـابـقـة للـزمـان.
بنـوّتـنـا لله فضل إلهيّ وليست ثمـرة جـهـد لنا. ولكننـا نستطيـع بالنـعـمـة أن نسلـك كأبنـاء عـارفيـن أن الله بمـحبتـه لـنـا جـعـلنـا أبنـاء. نحـن لا نصنـع بنـوّتنـا لله. نُـدركهـا. ثم نسلـك بها في طاعتنـا للـرب. نُحقـق بنـوّتنـا في محبتـنـا للـرب وطـاعتـه. نـدخـل في عائلة الآب ونعي انتماءنا لله. نصير إلهيين كما صار الابـن بشـرا. الإنسان بمعنى التبنّي يصيـر ابنًا وجالسًا مع الابن على يميـن الآب.
جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان).
رَعيّـتي تصدرها أبرشيـة جبيـل والبتـرون للـروم الأرثـوذكـس