الحياة في النُّور

mjoa Saturday December 1, 2012 100

بعـد أن أنهـى بـولـس الرسول كلامه اللاهـوتـي العـظيـم في الرسالة الى أهل أفسس، وصل الى الناحية السلوكية وحذّر المؤمنين من الكلام الباطل حتى وصل الى القول ان المسيحيين هم نور في الرب وحثّهم على أن يسلكوا كأولاد النور وأوضح أنهم يصيرون هكذا اذا امتلأوا من الروح القدس مصدر كل صلاح وبرّ وحق.

 ينـتج من توصيتـه هذه أن يخـتبـروا ما هو مرضيّ للرب بتركهم أعمال الظلمـة، وليس فقـط هذا بـل يحضّهم على أن يوبّخوا هذه الأعمال عند إخوتهم المسيحيين لتكون الكنيسـة كلها جميلـة. الأعمـال المـظـلمة نميـل الى إخـفائها. لذلك يحثّ بولس المؤمنين أن يُظـهـروا أعـمـال النـور.

وبعد تأكيده النور، يستشهد بنشيد كان يُستعـمل في العبادة وهو “استيقِظْ ايها النائم وقُم من بين الأموات فيضيء لك المسيح”. يستنتج مِن كون المسيح نـور العـالم فيـدعـو الرسول المسيحيين أن يسلكوا لا كجهلاء بل حكماء لأن الأيام شريرة.

هذه كانت التوصية العامة أن تتمسكوا بحكمة الله (“كـونوا حكمـاء كالحيّـات”، هذا كان قول الرب). ولكن أن نسلك كما يريد الـرب يتطلب أن نفهم ما مشيئة الرب. مشيئتـه هي أن نحفظ وصاياه، أن نتشبّه به، أن نسعى أن نكون مثله.

هنا يعطي مثلا عن السلوك المسيحيّ لا يتضمن كل شيء ولكن يُقاس عليه فيقـول: “لا تسكـروا بالخمـر التي فيها الدعـارة”، والمقـصـود أن السُكـر يوصل الى رفض العفّة، وهذا ما يسمّيه الرسول هنا الدعـارة. والقـاعدة في موضوع الخمر هي أن يتخذها الانسان باعتدال. ففي كثير من حضارات الشعوب المسيحيـة هي شـراب عـاديّ، ولكـن اذا وقع الإنسان في السُكـر يكـون قد خـالـف الوصيـة. “السكّيـرون لا يـرثـون ملكـوت الله” ( 1كورنثوس 6: 10). إن هدوء العـقـل الذي يفقده السكّير أساسيّ عند المؤمنين. الشراهة والسُكـر واحـد.

ضد السُكر يقدّم بولس الامتلاء بالروح القدس الذي شرطه العـفّـة. فاذا امتـلأتم من الروح القدس تصبحون قادرين أن “تُكلّموا بعضُكم بعضًا بمزامير وتسابيح وأغاني روحيـة”. هنا نفهم أن العبادة المسيحية (الطقوس) في عهـد بولس كانت تتضمن أناشيد وليس فقط قراءات.

هناك مَن اعترض من الرهبان بعد زمن بولس على التـرنيـم باسـتـعـمـال الألحـان. ولكن الكنيسـة لـم تُـعِـرْ هـذا الاعـتـراض على المـوسيـقى أهـميــة، وثـبـتـت الموسيقى في الشـرق دائما وفي الغـرب حتى القرن الثاني عشر بلا أدوات موسيـقـيـة، ورأت الكنيسة الشرقيـة أن التـرنـيـم بالصوت البشـريّ كافٍ ليرفع النـفـس الى الله.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)
رَعيّـتي تصدرها أبرشية جبيل والبترون للروم الأرثوذكس

 

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share