زار وفد إسلامي رفيع المستوى، برئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، مقر الكاتدرائية المرقسية بالعباسية شرق العاصمة المصرية أمس، لتهنئة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية بالعام الميلادي الجديد وأعياد الميلاد.
وضم الوفد مفتي مصر الدكتور علي جمعة، ووكيل الأزهر الشيخ عبد التواب قطب، والدكتور حمدي زقزوق وزير الأوقاف الأسبق، والدكتور إبراهيم نجم مستشار مفتي الجمهورية، والدكتور محمود عزب مستشار شيخ الأزهر للحوار، والشيخ علي عبد الباقي رئيس مجمع البحوث، بالإضافة إلى عدد من علماء الأزهر. فيما غاب عن الحضور الدكتور طلعت عفيفي وزير الأوقاف المعروف بتوجهه السلفي.
وكانت تنظيمات إسلامية أبرزها الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح (السلفية) قد أفتت بتحريم تهنئة المسيحيين بأعيادهم، وهو الأمر الذي أثار جدلا كبيرا في المجتمع المصري لانتماء عدد من الدعاة المعروفين إلى تلك الجبهة، ومنهم ياسر برهامي ومحمد حسان وصفوت حجازي وحازم صلاح أبو إسماعيل وخيرت الشاطر نائب مرشد «الإخوان المسلمين».
وعقد البابا تواضروس الثاني لقاء مغلقا مع الوفد الزائر بحضور عدد من الأساقفة، وعلمت «الشرق الأوسط» أن اللقاء تطرق إلى التطورات الأخيرة على الساحة السياسية المصرية، بالإضافة إلى القيم المشتركة بين المسيحية والإسلام. وأعرب البابا تواضروس الثاني، في تصريح له عقب اللقاء أمس، عن شكره لشيخ الأزهر، لمبادرته بالتهنئة بالعام الميلادي الجديد، مؤكدا أهمية دور الأزهر كمؤسسة وسطية في الحياة المصرية. من جانبه، أكد شيخ الأزهر أن مبادرة «بيت العائلة» المصرية بلجانها المتعددة وأنشطتها مستمرة في لقاءاتها واجتماعاتها على طريق استعادة القيم المصرية العليا التي زرعها الإيمان، مشيرا إلى حرص المسيحيين والمسلمين معا على تقديم نموذج فريد للتعايش، وقال «إن الإسلام يدعو لمحبة الأقباط ومن يختلفون معنا في الدين، ومن يفعل غير ذلك فهو لا يعرف الإسلام».
وأعلن الطيب أن «الأزهر يعد لإنشاء قناته (التلفزيونية) لتكون منبرا للفكر الوسطي المعتدل والمتسامح لنظل أمة وسطا كما يقول القرآن الكريم». وأكد الإمام الأكبر أن مصر لم تعرف قط حربا أهلية ولا حربا دينية ولا مذهبية ولا عرقية، وقال «إنها كما يطمئننا القرآن الكريم وكما تقول السنة النبوية وكما تذكر الحضارة الإسلامية، كانت وستظل بلد الأمن والطمأنينة، وهي كنانة الله في أرضه، ومن أرادها بسوء قصمه الله»، مضيفا أنه «من سنة الله في خلقه أن خلقهم مختلفين في اللون والجنس واللغة والدين». وأكد شيخ الأزهر أن التوحد بين عنصري الأمة يبدأ أولا بالتوحد بين العلماء ورجال الدين ثم ينزلون به إلى الناس، وقال «نحن ماضون في ذلك وسنصل لما نريده بإذن الله».
من جانبه، أكد البابا تواضروس الثاني على أهمية قناة الأزهر، وعلى ثقته وثقة الكنيسة في هذه الأخوة وروح التعاون التي ستمضي قدما إلى الأمام. من جهته، أكد الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية، على القيم ذاتها وعلى «هذه المعاني العالية»، مؤكدا «ضرورة تبادل اللقاءات والتهنئة والتحية بين الإخوة في الوطن»، وقال «هذا من صميم روح الإسلام».
إلى ذلك، أجرى وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو، صباح أمس، اتصالا هاتفيا مع البابا تواضروس الثاني، حيث أطلعه على الوضع بالنسبة للاعتداء الذي وقع على مبنى خدمات تابع للكنيسة المصرية في مصراتة الليبية قبل ثلاثة أيام.
كما أطلع الوزير عمرو البابا تواضروس الثاني على الاتصالات المكثفة التي أجرتها سفارة مصر في طرابلس مع السلطات الليبية لتوفير التأمين اللازم لمقار الكنيسة، خاصة مع اقتراب احتفالاتها بعيد الميلاد المجيد، كما عرض ما اتخذته السفارة من إجراءات فور وقوع التفجير للتعامل مع الموقف.
وعلى صعيد متصل، وصل جثمان أشرف سامي (30 عاما) المتوفى الثالث في حادث كنيسة مصراتة بليبيا إلى القاهرة أمس، حيث كان في استقباله أفراد أسرته الذين توجهوا به لدفنه بمقابر الأسرة بدير مار سمعان بالإسكندرية.
وترأس الأنبا باخوميوس، مطران البحيرة ومطروح والمدن الخمس الغربية، أمس، القداس الجنائزي الذي أقيم على أحد ضحايا تفجيرات الكنيسة التي وقعت بمدينة مصراتة؛ حيث أقيمت الصلوات بمسقط رأسه بكنيسة العذراء بقرية أبيس (غرب الإسكندرية).
وفي كلمته خلال القداس، ربط باخوميوس بين التفجيرات التي وقعت بليبيا مع مثيلتها التي وقعت بكنيسة القديسين بالإسكندرية عشية رأس السنة في 2011. وقال إن الرسالة إلى العالم أن ألم تلك الحوادث وما وصفه بالاضطهاد يعد وسيلة للاتحاد من أجل المزيد من الإيمان.