الى ايلي الحاج عبيد…بقلم الاخ جان توما

mjoa Thursday February 14, 2013 91

غيرة ربّك عليك أخذتك من بيننا، ولكن لتبقى بيننا، إذ إن اللقاء لا مسافات تباعده ولا مساحات تعانده، فغيابك كحضورك كعاصفة المحبة التي كنت تعيشها، تدكّ حيطان الجفاء وتكسر حلقة الغباء لانّك ما توقفت، شأننا، عند اساءة ولا تلفّت الى ايماءة، بل كنت تنظر الى ذاك الهيكل المقدسي في كلّ واحد منا، كما كنت تبصر في الاحرف واللغة وعاء انسكاب الالهيات لتمجيد الخالق، وكما كنت ترى في الصوت شهادة لإله سكنك حبّه فعلمتنا كيف نهذّ باسمه في الأسحار حتى صرت له بكلّيتك وفي حضرته مأخوذًا بإلهاماته وبركاته التي أنزلها عليك حتى صرتها، فاستعاد ما وضعه فيك من وزنات لمااكتملت فيك الوزنة الإلهية، فاستنرت ومضيت إليه كشفيعك في عربة من نار ملتهبة متأججة وأنت الهادئ إلى حد الخفر.

لطالما أحببت الفجر حتى كنته، فارتحلت باكرًا مع النسوة لتشهد قيامة المسيح، ولتسأل البستاني: أين وضعوا سيدك؟ ذاك الذي ساد عليك في مسرى حياتك وكنت مستسلما له بحرية الأبناء، فكنت عاشقًا لمضمون كلماته المحيية لا للفظها، متيّمًا بالذي سكن أحشاء من قالت: ها أنا أمة للرب، فكنت له أيضا الحشا …والعقل والقلب، فصرت مذودًا قابلا لكلّ مولد حب، ونجمة ميلاد تقود القوافل إلى من ترك عليائه ليسكن جبلتنا ويصير واحدًا منا ويرفعنا بقيامته إلى حيث اشتهيت أن تكون مرنّمًا مع الأجواق مسبّحًا ومصلّيا وقائمًا معه في النور الذي لا يغرب.

ايلي
ستسأل عنك أقلام تصحيح النصوص وقد صرت نصًّا في الكتاب السماوي، فلن نحزن.وستسأل عنك مجلات وصحف ومواقع إلكترونية كنت تكتب لها وقد كتبك الله في سفره ، فلن نحزن.

وحدها الأشياء والمطارح التي غادرتها ستفقد بعض ألقها، ولنا في يومياتنا معك التعزية والرجاء بأن الفرح السماوي يسود على الوجع الأرضي، وأن ما أبتغيته في مسيرة إيمانك نلته، إذ انصرفت عن وجوهنا إلى وجه ذاك الذي رسمته في كلماتك وتجليته في ترانيمك فأرشدت كثيرين إلى المرافئ الأليفة، إلى حيث لا وجع ولا حزن بل حياة لا تفنى.

ايلي
أتعرف ماذا ينقص هذا النّص؟ أنك لن تسمعه مني هاتفيا لتنقّحه ولتبدي رأيك؟ قد يكون هذا النّص من النّصوص النادرة التي لن تراها بعينك أو تسمعها بأذنك، أو تقترح كلمة مكان أخرى.

أوَ تعرف لماذا؟ لأنك اجتحت برحيلك المفاجئ الهادئ قاموس المفردات، وولجت قاموس الحياة وأبجدية التهجئة الإلهية، وهو المَعين الأول والأخير، وهو السفر العزيز الذي فيه نصبت خيمة لغتك، وصرت لسانا يهذّ بالإله الذي أحببته، وصرت إليه حرفًا حرفًا بقلب لحمي يتخطى اللغات والألسنة ،ومضيت إليه في علّية العنصرة ، فتعنصرت بلهب الحب وفي حضرته استويت.

 

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share