في إنجيل يوحنا يقول الرب: “انقُضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أُقيمه” (2: 19). قال هذا عن هيكل جسده (راجع 3: 21). في الحقيقة لم يُقم الرب هيكل اورشليم من الخراب الذي حلّ فيه عند الفتح الروماني لأورشليم السنة السبعين، فبات هيكل الله جسد يسوع في كيان روحيّ.
الأشياء العتيقة قد مضت. ها كل شيء قد صار جديدًا. الهيكل يزول مع اورشليم ولم يبقَ له وظيفة او فائدة. انتقل مدلول الهيكل الى جسد يسوع اي صار هو الهيكل الحقيقيّ المتكوّن بالتجسّد الإلهـي. ثم أَخذت عبارة “هيكـل الله” تعني الكنيسة، وظلّت تعني كيان المسيح في الجسد. في الرسالة الثـانيـة الى أهل كورنثوس التي نحن شارحوها اليوم تعني أنكم اذا اجتمعتـم في الله تصبحون معـا هيكلـه. وهذا ليس من حجـارة، فهيكـل اورشليم زال لأن الله جعل الانسان هيكـلا له ثم قال “سأَسكـُن فيهم” اي اليـوم وغدا، و”فيهم” تعني انه سيسكُن فينا مجتمعيـن اي اذا أحببنـا بعضُنا بعضا.ينـتـج مـن كـونـه سـاكـنـا فـينـا أـنه يُـرافـقـنا في الطريق “وأَسيرُ فيهم”. ثم قال “وأَكون لهم إلهًا” اي كلّما افتقدتُهم يعرفون أني سائر معهم في كل شؤون حياتهم. “وأَكون لهم إلهًا” اي إذا رحمتُهم وافتقدتُهم يُحسّون أني إلهُهم. واذا عرفوا ذلك يكونون لي شعبا عارفا أني له وأنه لي. واذا اجتمع شعبي إليّ بمعرفة وصاياي يفهم أني أنا إلهُه وأنه هو شعبي الذي اخترتُه بحبّي له ليس لأنه يستحقّ ولكن لأني اخترتُه أنا بمجّانية محبّتي. يَنتُج من هذا أن شعبي يجب أن يَعتزل الخطأة بمعنى أنه يطلب من الخطأة التوبة (لا تلمُسوا نجسًا). عند اليهود النجاسة كانت الامتناع عن بعض المآكل (الخنزير) والأعمال (مُخالطة الوثنيين مثلا). عندنا نحن النجاسة ارتكاب الخطيئة. فإذا عملتُم هذا “تكونون لي بنين وبنات”. فإذا أَدركنا هذا نبقى على الطهارة التي نلناها بالمعمودية ونُطهّر أنفسنا بالتوبة ونُلازم التوبة بحيث نجعلها دائمة فلا نسقط يوما ونتوب يوما ولكن نبقى مع الرب بحبّنا له وحفظْنا وصاياه. ويدعونا بولس أن نُطهّر أنفسنا من كل أدناس الجسد والروح. ودنس الجسد عند بولس هو السقوط بخطايا نفعلها في الجسد والنفس معا.
وأخيرًا يقول “نُكمل القداسةَ بمخافة الله”. لفظة نُكمل تعني نُحقّق القداسة بالتوبة التي لا رجوع عنها إذ يجب ان نحبّ القداسة التي تبدأ عنده بمخافة الله.
إن المسيحية حافظت على فكرة خوف الله. هذه لم يشطُبها العهد الجديد ولكنه أَكملها بحُبّنا لله. عند تقديم الكأس للمؤمنين يقول الكاهن: “بخوف الله وإيمان ومحبة تقدّموا”. المحبة والخوف يلتقيان. أجل الخوف موروث من العهد القديم ويبقى لأنه يُربّينا، والمحبة أَعظم منه وكشَفها لنا العهد الجديد وهي تكمل كل الفضائل. الرب يسوع يحفظنا في مخافة أبيه ويُكلّلنا بمحبة الثالوث القدوس الذي يحفظنا من كل إثم.
جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)
رَعيّـتي تصدرها أبرشيـة جبيـل والبتـرون للـروم الأرثـوذكـس