ترأس بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الارثوذكس يوحنا العاشر يازجي قداس أحد مرفع الجبن في كنيسة دير سيدة البلمند البطريركي، بمعاونة رئيس الدير عميد معهد اللاهوت الاسقف غطاس هزيم ولفيف من الكهنة والشمامسة، وخدمت جوقة معهد اللاهوت بقيادة جيلبير حنا، في حضور رئيس جامعة البلمند الدكتور ايلي سالم، الرئيس السابق لجمعية المصارف عبدالله الزاخم، مدير ثانوية سيدة البلمند عطية موسى، المنسق العام في حركة الشبيبة الارثوذكسية عماد حصني، وابناء العائلة البلمندية وشخصيات وحشد من المؤمنين.
بعد الانجيل المقدس، القى يازجي عظة قال فيها: “يا احبة، نحن نرفع الصلاة اليوم حسب تقليد كنيستنا لمناسبة احد مرفع الجبن اذ ندخل الاثنين بعده في الصيام الاربعيني الذي يهيئنا للفصح المجيد” .
وتابع متسائلا عن معنى الصوم بالقول: “كل سنة، حسب الترتيب الكنسي، نتهيئ للصوم منذ احد الفريسي والعشار، وهناك 40 يوما يصلوننا بالشعنينة ثم بالاسبوع العظيم ومن بعده نصل الى يوم القيامة” .
وأشار الى انه ” قبل البدء بالصيام هناك فترة تهيئة، يذكرنا بها آباء الكنيسة وقديسوها من خلال القراءات لا سيما تلك التي سمعناها اليوم والتي ختمت ب “حيث تكون كنوزكم هناك يكون قلبكم”، ما يعلمنا ان الكنز الحقيقي هو الرب، والصوم هو الانشداد نحو العز الالهي والانسلاخ عن كل ما هو باطل في الحياة. وعلينا ان نسير نحو السيد الذي هو الطريق والحق والحياة. والانسان المؤمن يدرك انه يشترك في الحياة الالهية ليس بالروح والعقل انما ايضا بالجسد، لذلك يصوم بجسده عن المأكولات وبروحه عن كل ما هو باطل. وهكذا يتجلى الصيام في مسيرة يقدم خلالها الانسان ذاته روحا وجسدا بالكلية للرب. لهذا الصيام هو هذه المسيرة النورانية، لانها فترة توبة تشدنا الى قيامة السيد” .
وتوقف عند بعض التراتيل الدينية التي رنمت خلال صلاة السحر ومعانيها التي تفتح الاذهان الى نواحي مهمة بالصوم، وتدعو للصلاة والصوم والتوبة والسجود لالام المسيح وقيامته.
وشدد على ان “الصوم نعبر به عن ايماننا بالصليب لان به القيامة. والصلوات التي ترفع في فترة الصوم تتناول التوبة والنور، والانسان الذي تسيطر عليه الاهواء، والشراهة والكبرياء وحبه للسلطة والمال ولا يتصرف كما يريد الرب بل بانانية ولا يفكر باخيه الانسان، عليه في فترة الصوم ان يعود الى نفسه ويتذكر اخاه الانسان. كما عليه ان يتذكر انه خرج من جرن المعمودية ولبس المسيح، وهذه الصيرورة تتم فعليا عندما يسعى كل واحد منا الى ان ينسلخ عن فعل الباطل، والظلم، والقتل، والغضب، وكل ما لا يليق بانجيل المحبة بل يلتصق بوصية الرب” .
ودعا الى ان “يكنز الانسان كنزا للنور، وان يكون في الحكمة التي يوصينا بها الرسل، لا سيما ان ما يجري في هذا الدهر من فقدان للمنطق وتسلط وبغض يوحي وكأن المسيح لم يأت الى هذا العالم لينشر المحبة والسلام ويبشر بالقيامة. لذلك على الانسان ان يتجدد ويسلك بنعمة الرب والعمل بوصاياه وانجيله وان يسعى ويتحول هو الى انجيل مفتوح يقرأ به الناس اعماله الصالحة ويمجدوا اباهم الذي في السموات” .
اضاف: “نحن امام ابواب الصوم، يدعونا الرب الى ان نكون بشرا جددا في نفوسهم وقلوبهم واذهانهم واسلوب تفكيرهم، وان نجعل طعم المسيح في كل شيء. واذ نحن شاخصون اليوم الى السيد القائم من بين الاموات والداعي الى ان نكون ابناء القيامة وليس ابناء الظلمة، علينا ان نتجدد ويسعى كل منا لتجديد ذاته وكيانه وان يقوم من قبره ومن سقطاته وخطاياه الى الصلاح وتنقية الذهن والسلوك الحسن، آنذاك نقوم جميعا ويقوم البلد والوطن ولبنان وكل من هو بحاجة لقيامة. وكلنا بحاجة لان نكون في سلام ومحبة وعيش مشترك ويستدعي ذلك ان يكون الصوم بالجسد والنفس ويعبر عن طريقة العشق لنسير معا بالمسيرة الالهية. وبذلك يتصرف الانسان بذهنه وقلبه وكل حواسه كما في النور وليس كما في الظلمة”.
ورأى ان “الرب اعطانا اليد لنمدها بالخير للاخر، وليس للاساءة اليه، كما اعطانا الحواس الاخرى كي نستلهم ونستبشر من خلالها كل ما هو صالح. فتكون نظراتنا محبة، وكلماتنا طيبة، ويكون كل شيء فينا من معدن المسيح. ونسير في الصيام مسيرة تجدد من الداخل ونصبح ادواتا للخير واصواتا للحق والحقيقة التي هي المحبة وكلمة الرب الذي رفع على الصليب وقام من بين الاموات ليكون خلاصا للجميع”.
وختم: “صلواتنا الى السيد المسيح الذي نحن مشدودون الى نور قيامته، صلواتنا اليه ان يقوينا جميعا، وهذه دعوة منفتحة على جميع الشرائح في المجتمعات والاديان والطوائف، ان نتجدد ونعي انه بالقيم والاخلاق والفضيلة تقوم حياتنا مع بعضنا البعض وليس على اي اسس اخرى. صلواتنا ان يمنحنا الرب ادراك هذا الامر لنسعى اليه ونجعل من السيد هو القابع على عرش قلوبنا فنتقدس ونصبح شهادة لكل العالم”.