كاثوليك الأراضي المقدّسة يتّحدون مع الأرثوذكس في فصحهم – مبادرة مسكونية فريدة تعرقلها في لبنان عقدة “نحن الأكثرية

mjoa Wednesday March 20, 2013 57

الخبر “السار” جاء من الاراضي المقدسة: “من دواعي السرور توحيد تاريخ الاحتفال بالفصح. فقد قرر مجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكية أن يحتفل الكاثوليك بالفصح وفقا للتقويم اليولياني الشرقي، أي في 5 أيار 2013، باستثناء القدس ومنطقة بيت لحم، لأسباب تتعلق بالـ”ستاتوكو”، واحتراما لآلاف الحجاج الذين يأتون إليهما. ويتوجب صدور مرسوم عن الكرسي الرسولي يوافق على تثبيت هذا الإجراء نهائيا اعتبارا من 2014”.

 

الاعلان(*)، بحرفيته، نقله بطريرك اللاتين في القدس فؤاد طوال الى ابرشيته في رسالته الميلادية (24 ك1 2012). ومعناه عملياً ان بعد 12 يوماً، لن تقرع اجراس الكاثوليك المعنيين بالقرار في الفصح الغربي (31 آذار)، بل تنتظر حتى 5 ايار، لتتحد مع اجراس الارثوذكس في عيدهم، وذلك في مبادرة مسكونية فريدة، تعد بالمزيد.

وهذا المزيد هو ان كل الابرشيات الكاثوليكية في الأراضي المقدسة، بما فيها اللاتينية، ستعتمد في غضون عامين، اي السنة 2015، التقويم اليولياني “بعد الانتهاء من الترتيبات النهائية وموافقة الكرسي الرسولي عليها”، على انه سيمكن الرعايا الكاثوليكية الاحتفال بالفصح موحداً مع الكنيسة الأرثوذكسية، ابتداء من السنة المقبلة. بقدر ما يرى بعضهم في هذه الخطوة تقريباً ما بين الكنيستين الكاثوليكية والارثوذكسية، يجد فيها آخرون “تأكيداً” انه يمكن تجاوز الخلافات متى توافرت الارادة الطيبة لذلك. وبتحقيقها هذه السنة في اجزاء من الاراضي المقدسة، يكون الكاثوليك السباقين في التغلب على قرون من الانقسامات مع الارثوذكس، على فارق 5 اسابيع (بين العيدين الغربي والشرقي هذه السنة) اوجبه الاختلاف ما بين تقويمي كنيستيهم.

في معلومات راعي ابرشية بعلبك ودير الاحمر للموارنة المطران سمعان عطالله، ان اتفاقا حصل قبل مدة يقضي بان الطوائف المسيحية الاقل عددا في بلد معين تتبع تقويم الطائفة الاكثر عدداً فيه. “وهذا ما حصل في الاردن ومصر وفلسطين”، على قوله، ولكن ليس في لبنان.

ان يعتمد اللبنانيون هذا الاتفاق بدورهم “ليست مشكلة” لديه. واحتمال ان يعيدوا معاً يوماً ما “ممكن”، في رأيه. “اذا تقارب الموارنة والكاثوليك نحو الارثوذكس، فذلك خطوة على طريق التفاهم والحل العلمي. الموضوع علمي، وليس مراعاة خواطر. فاذا عيّدنا معاً، يمكن ان نعمل معا تحقيقا للوحدة. وما نحتاج اليه هو الصلاة كي يغير الله الذهنية السائدة، لتصبح ذهنية مشتركة موحدة، او على الاقل تشتغل للوحدة”.

من البداية، كان الموضوع حسابات علمية. واذا كان الفارق هذه السنة ما بين العيدين 5 اسابيع، غير انه يتغير من سنة الى اخرى، فيكون اسبوعا، او 4، او 5، اذا لم يقع العيدان معا (سنة كبيسة). في بداية القرن الرابع، ارتأى مجمع نيقية (325) ان يحتفل المسيحيون في كل العالم بالفصح “معاً وفي يوم واحد”، بحيث يكون الأحد الاول بعد اكتمال القمر في الاعتدال الربيعي (اي تعادل طول النهار مع الليل)، الذي يقع عادة في 21 آذار.   

غير ان البابا غريغوريوس الثالث عشر اصلح اليولياني العام 1582، بعدما تبين للفلكيين أن هناك خطأ مدته 10 أيام في احتساب ذلك التـقويم، وقد تراكم ابتداء من العمل بالتاريخ الميلادي. فكان “التقويم الغريغوري” الذي اصبح اليوم متـقدماً على اليولياني بـ13 يوما. وهذا يعني عمليًا ان 21 آذار في اليولياني يقع يوم 3 نيسان في الغريغوري.

هذا جزء يسير من مسألة معقدة في احتساب الفصح. وحصيلتها حسابات “تراجعت” على مرّ القرون، اخطاء تراكمت دقائق وايامًا، تقاويم تفتقر الى الدقة، تناقضات… كل ذلك بما يجعل الاختلاف الفصحي اختلافا في التقويم المعتمد فقط. “لا حسابات الكاثوليك دقيقة، ولا حسابات الارثوذكس ايضا”، يقول متروبوليت صيدا ودير القمر للروم الكاثوليك المطران ايلي حداد. فكرته بسيطة: طالما الجميع في خطأ، “فلنتفق على خطأ واحد، تخفيفا لكثرة الاخطاء”.

من تمنياته ان “نعتمد في لبنان الخطوة عينها التي بدأها مسيحيو الاراضي المقدسة، كي نقطع الطريق على كل تشكيك لدى المؤمنين”. لكن اذا كانت “عقدة العدد الاكبر والاقل” حُلَّت في فلسطين، فانها لا تزال في لبنان تعرقل اي تقدم. “ثمة من يعتبر انه الاكثرية عددا. ولكن باحتساب عدد المسيحيين في اجزاء اخرى من انطاكيا، لا تعود تلك الاكثرية اكثرية”. ولأصحاب منطق “نحن الاكثرية”، يقول: “ان شاء الله يبقون اكثرية، لان الهجرة تعلمنا ان الاكثرية تصير اقلية، وان المشكلات الكنيسة تُحلّ عندما يُحَلُّ الوجود. وقبل ان نصل الى هذا الدرك، فلنتدارك الامور ونعيّد بوحدة”.

آمال كاثوليكية، يقابها حَذَرٌ ارثوذكسي. فمتروبوليت جبل لبنان المطران جورج خضر لا يميل الى “تعليق الميل الكاثوليكي الى الوحدة على خطوة كهذه. فالكاثوليك بارعون في ما هو يظهر، وهذا لا يكلفهم تضحية في اي موقف اساسي”. كذلك لا يعتقد ان “الكنيسة الكاثوليكية تريد ان تتخذ خطوات اساسية في التقارب مع الكنيسة الشرقية”. وما يتركه برسمها هو “خطة اهم من هذا المظهر التعييدي. فالشيء العميق المبتغى هو البحث جوهريا في علاقات الكنيستين”.

 

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share