بنعمة القائم من بين الأموات لم يبق من باب مغلق أمام النفس المُحبة للمسيح. هي مفتوحة على آفاق المحبة. كان التلاميذ مجتمعين في بيت مغلق ودخل الرب إليهم وقال لهم “السلام لكم”. هو يعطيهم سلامهم ليس كذلك يعطيه الناس.
سلامه صادق وحقيقي بمعنى انه اذا أعطى لهم سلامًا يكون فيهم. فلما رأوا على جسده آثار عذابه فرحوا. فرحوا لأنهم رأوا ان هذا هو الرب ولم يكن خيالا. قيامة الرب لا تُنسينا آلامه، فبجراحه شُفينا كما قال إشعياء. ثم للمرة الثانية سلّم عليهم حتى لا يكون هذا مجرّد تحية بل يكون سلامًا حقيقيًا في نفوسهم لأن السيد يُزيل اضطراب النفس ويمكث فيها. بالسلام الذي قرّ في نفوسهم أَرسلهم أي انهم يحملون إلى العالم سلامه وفيه سلامتهم.
ماذا يحمل سلامه لهم إلى العالم؟ “مَن غَفرتم خطاياهم تُغفر لهم ومن أَمسكتم خطاياهم أُمسكت”. هذا الكلام نتج عنه سر التوبة (بما فيها الاعتراف أو الإقرار بالخطايا). من لا يريد التوبة لا يمنحه الله غفرانا.
بعد هذا تجيء حادثة توما. التلاميذ قالوا له “رأينا الرب”. كلامهم هذا يعني ان الرب ظهر لهم. توما لم يكن قد سمع أن الرب أراد أن يظهر أو يمكن ان يظهر. قبل القيامة كان التلاميذ جميعا في حالة شك بيسوع وفاعليته. القيامة صارت مفتاح كل الفكر الرسوليّ الذي ظهر في العهد الجديد.
القيامة ليست أمرا سهل الاعتقاد به. كيف يقوم إنسان من موت ويعود إلى ما كان؟ توما إنسان عنده عقل يُحلّل. هل كان عليه مأخذ لأنه لم يأخذ بمجرد كلام التلاميذ؟ ربما كان هذا كل ما أراد يوحنا الإنجيلي أن يقوله. غالبا ما أراد الإنجيليّ أن يوحي أن التلاميذ موضع ثقة. صار واضحًا في ما بعد أن قول الرسل مصدر لإيماننا.
الظهور برهان القيامة. لم يُعاين أحد جثمان يسوع يخرج من القبر. لقد استنتج الرسل هذا مِن ظهوره. هم رأوه ميتا، ورأوا ظهورات فقالوا انه قام.
عند ظهور الرب لتوما وقوله: “عاين يديّ ولا تكن غير مؤمن”، قال هو للسيد: “ربي وإلهي”. كلمة “رب” كما هي واردة في اليونانية وكلمة “إله” فيهما أل التعريف بمعنى أنك هو الرب وأنك هو الإله. لا يعني شيئًا كلمة شهود يهوى أن هذه العبارة قد تعني إلها وليس الإله بالمطلق. في العهد القديم ليس من إله غير الله، ولذا كان كلام توما يعني بوضوح أن المسيح هو الله ذاته.
الإيمان هو الذي عبّر عنه توما بقوله للسيد انه هو الإله، وليس من احتمال لوجود إله آخر في العقل اليهودي.
“ربي وإلهي” التي قالها توما اعتراف كامل بأُلوهية يسوع. وقول شهود يهوى انه “رب” وليس “الرب” لا يعني شيئا اذ لا يمكن في الإيمان اليهودي أن يكون هناك رب أو إله وليس الرب والإله. ليس هناك تعدّد آلهة. فإذا قال توما ان يسوع رب أو الرب فالواضح انه هو الرب اذ ليس عند اليهود غير رب واحد.
جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)