وفاة الأرشمندريت جورج (شلهوب)

mjoa Tuesday May 14, 2013 82

wafat.archmandrite.Georges.chalhoubرقد بالرب الأرشمندريت جورج (شلهوب) كاهن رعية الشوير عن ٨٣ عامًا مكرسة لخدمة الرب في الكنيسة. أقيم جناز الكهنة صباح الثلاثاء في السابع من أيار في كنيسة رقاد السيدة في دوما، ثم الجناز العام بعد الظهر برئاسة سيادة راعي الأبرشية المطران جاورجيوس وحضور عدد كبير من الكهنة والمؤمنين اكتظت بهم الكنيسة.

 

 

 

 

 

 

 

الأرشمندريت جورج من مواليد دوما سنة ١٩٣٠، ابن عائلة تقية محبة للرب. رغب في التكريس الكامل منذ صغره والتحق بدير البلمند طالبًا في المدرسة الإكليريكية لما كان في الثامنة عشرة حيث لبس ثوب الابتداء وكان تابعا للمثلث الرحمة البطريرك ألكسندروس (طحّان). لما كان طلاب الإكليريكية يقضون فصل الصيف في دير مار الياس شويا البطريركي، تمّت رسامته شماسا انجيليًا في ٦ آب ١٩٥٢ في ضهور الشوير بوضع يد المطران ايليا (كرم) راعي أبرشية جبل لبنان آنذاك. خدم شماسا في طرابلس مع راعيها المثلث الرحمة المطران ثيوذوسيوس (ابو رجيلي) وبقي معه لما انتُخب بطريركًا. في ١٢ آذار ١٩٥٩ رسمه البطريرك ثيوذوسيوس كاهنًا في دمشق ورفعه الى رتبة أرشمندريت. بقي مرافقا للبطريرك حتى وفاته سنة ١٩٧٠. وكـان البطريرك ثيوذوسيوس قد عيّنه رئيسًا لديـر مار الياس شويا البطريركي سنة ١٩٦٩ حيث بقي عشر سنوات انتقل بعدها ليخدم رعية الشوير وضهور الشوير والمتين حتى تقاعده سنة ٢٠٠٩. هناك نشط في افتقاد العائلات ورعايتها لا سيما في ايام الحرب. انتمى الارشمندريت جورج منذ صغره الى حركة الشبيبة الارثوذكسية ناشطا في الصلوات ومعرفة الإنجيل وتوجيه الشبيبة. أسس فرع دوما وفروعًا اخرى منذ سنة ١٩٤٨.

جاء في عظة راعي الأبرشية: الشيء الاساسي والفريد الذي أودّ قوله في هذا الحبيب الذي نرسله الى الله، انه أَذهلني كثيرا طوال معرفتي به في انه لم يعرف شيئا من هذا العالم، الا انه ذاق يسوع المسيح وترعرع في كنيسته. هذا شيء نادر جدا في العالم. معظم المؤمنين يُشتّتون انفسهم بين كنيستهم وبين العالم ومصالحهم وأرزاقهم. الارشمندريت جورج، وقد عرفته منذ خمسين سنة او أكثر، ما عرفت مرة انه يعرف شيئا غير الكنيسة، لم يعرف الا المسيح. هذا ما يجب ان تحفظوه عنه، والا ذكرتم أشياء سطحية في عيشه وفي سلوكه وفي كلامه. الشيء العميق هو انه كان ممدودا امام يسوع المسيح وحده. منذ أن لاحظته في خدمته ابرشية طرابلس في عهد المطوب البطريرك ثيوذوسيوس لما كان متوليا تلك الابرشية، كنت أراه لا يفهم شيئا خارج المسيحية. عندي ان هذا وسام عظيم على صدره. يخدم بلا حساب، بعفّة كاملة. لا يعرف شيئا عن المال. هذا نادر في الأوساطالإكليريكية.

لا يذوق شيئا من دنياكم، لأنه ذاق حلاوة يسوع في كنيسته… لا تقدر ان تحب احدا مع يسوع. ترمي كل الدنيا. الأرشمندريت جورج لم يفهم شيئا إطلاقا الا المسيح. القديسون يعرفون المسيح في العمق. على قدر ما ذاق القداسة، ذاق المسيح ايضا. اين تجد المسيح؟ اذا كنت تلمس ذيل القديسين. لست اتكلم عن القديسين الذين عندهم ايقونات. اتكلم عن القديسين الذين بينكم، الاتقياء الكبار. اذا ذقت تقواهم، تكون قد سلكت الطريق السوي. لم يكن يعرف شيئا الا المسيح واياه مصلوبا… هذا لم يمنعه ان يفهم احوال الرعية، اوضاع الناس، ان يحلل وضع الكنيسة في هذا الظرف او ذاك، ان يشرح احوال هذه الابرشية او تلك، ولا سيما تلك التي عاش فيها. هذه كانت قداسة منفّذة في الواقع الرعائي. ان خاصة هذا الرجل انه حمل على عاتقه آلام الناس، ولا يسعك ان تأخذ الناس الى قلبك والى عينيك ما لم تكن مع السيد مصلوبا معه. واذا شاهدت آلامه فأنت مُشاهد لآلام الناس. الناس في المسيح، والمسيح في الناس، … كيف تكون مع المسيح وانت تخدمه خمسين سنة؟ اذا كنت لم تتألم مع المتألمين، ومفتقدا الفقراء، وعارفا مع العارفين، وخادما للجهلة، اذا لم تكن هكذا في كنيسة الرب، فانك انت لست بشيء.

جورج شلهوب ربما لم يكن يعرف أن يحكي هذه الاشياء، بوضوح وبفصاحة. لكن كان يعيشها. كانت في داخله، في صدره. قد لا يُطلب منك ان تكون فصيحا، خطيبا، كاتبا في كنيسة المسيح. لكن يطلب اليك ان تكون حياتك الصامتة المتواضعة كلاما صامتا عن يسوع. انت لا شيء. لااحد يقدر ان يصير شيئا الا بقدر ما يقتنع انه لا شيء. عندئذ يعلّيك الرب. لكن اذا علاّك المسيح فانت جالس فوق عن يمينه على العرش.

لعلي قلت لكم في مطلع هذه العظة ان الارشمندريت جورج كان يذهلني عندما أُخاطبه. لا يفهم شيئا عن اي موضوع من الدنيا، لكن قلبه كان يتحرك اذا ذكرت المسيح، او كنيسة المسيح، او آلام هذه الكنيسة، او إهمال هذه الكنيسة من قبل الذين لا ينبغي عليهم ان يُهملوا. كان الرجل في قلب المسيح… وكنت ارى عطاءه وأُحس بقلبه ينفتح وينسكب، ويتقبل الناس…

الارشمندريت جورج أَحبه المؤمنون واحبوا فيه التواضع والخدمة البسيطة، لكنها دؤوب. كانت دؤوبا مستمرة مجانية… المسيحية هي فهم. هذا الرجل كان يفهم. له طبعه وطريقته بمعالجة الامور، لكنه كان يعرف اين يكمن المسيح، اين يظهر المسيح، كيف نسعى نحن اليه، كيف نقود الناس اليه. لهذا رجائي ورجاؤكم ان يكون ربه ماسكا بيمناه ليقول له في الملكوت: يا ابني، كنتَ امينا في القليل سأجعلك امينا في الكثير. ادخل الى فرح سيدك. ويسوع يفتح له الباب ويُدخله. وهذا ما سيحصل. وعلى رجائنا وبصلواتكم، آمين.

 

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share