استمرار التراث الرسوليّ

mjoa Friday June 14, 2013 123

بولس في عودته الأخيرة من أوربا الى أورشليم ارتأى الا يمرّ بأفسس خشية أن يتأخر في آسيا الصغرى (تركيا الحالية) اذ كان يرغب أن يصل الى أورشليم يوم العنصرة (اليهوديّ). ففيما كان في ميليتس في البحر، استدعى قسوس أفسس. “فلما وصلوا اليه قال لهم: احذروا لأنفسكم ولجميع الرعية التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة لترعوا كنيسة الله التي اقتناها بدمه”. القسوس مُسَمّون هنا أساقفة.

من هذا النص لا نعرف إن كان القس في هذه الفترة دون الأسقف رتبة أَم أن هذا وحدة تسمية مع اختلاف الرتبتين. بعد العصر الرسولي بين اواخر القرن الأول وبدايات الثاني عند القديس إغناطيوس الأنطاكي لا نرى فرقا واضحا بين القس والأسقف مع أن مكانة الأسقف أخذت تبرز.

لاحظوا ان في عبارة “كنيسة الله” لفظة الله هي يهوه العبرية، والواضح في تعبير بولس أن يهوه اي الله هو الذي سكب دمه على الصليب. النص هنا يوحد بين الله والمسيح (الله هو الذي سكب دمه).

عندما يقول ان الله هو الذي سكب دمه يوضح بأعظم وضوح أُلوهية المسيح. هذا هو إيماننا الذي ينقله الينا الرسول بقوله ان الله نفسه هو الذي عُلّق على خشبة.

من هذه الرسالة نفهم بعد هذا أن الذين أُقيمـوا رؤساء على الرعيـة يُسمّيهم الرسول أساقفة وتعني المراقبين او الرقباء. والرقيب (المطران) في الكنيسة يراقب صحة التعليم أو أُرثوذكسيته. هذه هي وظيفته الأساسية، وأنت تنظر مبدئيا الى ما يقوله المطران لتعرف منه سلامة العقيدة. ومجموعة الأساقفة في الكنيسة المحلية (مثل الكرسي الأنطاكي)، المنعقد اجتماعهم في المجمع المقدس، هم بالتآزر فيما بينهم يُلقّنوننا الإيمان. فالإيمان يسهر على صحته وسلامته المطارنة مجتمعين في المجمع المقدس برئاسة البطريرك. هذا في الكنيسة المحلية، وفي الكنيسة العالمية مجموعة المجامع المقدسة الأرثوذكسية التعليم هي التي تراقب صحة التعليم في العالم كلّه.

الكنيسة فيها إشراف خلفاء الرسل وهم المطارنة المسؤولون عن حفظ الوديعة سالمة كما أتتنا من تلاميذ المسيح وخلفائهم جيلا بعد جيل.

أنت لا تؤسس كنيسة جديدة ولكنك تحيا من التراث الذي وصل سالمًا بالخلافة الرسولية، فإن من نرسمه مطرانا إنما نجعله حافظا للإيمان القويم، وإذا تثبّتنا أن عنده الإيمان القويم، نعلنه أسقفا على كنيسة الله. يجيئون واحدًا بعد واحد ولكن بالتعليم نفسه، فمن خالف هذا التعليم وشوّهه نعتبره مبتدعا اي آتيا بآرائه الخاصة وليس بالرأي الرسولي.

الإيمان واحد جيلا بعد جيل ولو اختلف أسلوب التعليم. “اومن بإله واحد آب…. ورب واحد يسوع المسيح …. وبالروح القدس”. وظيفة الكنيسة ان تحفظنا في هذا الإيمان. والأسقف هو الحامل الأساسي لهذا الإيمان.

 

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)

 

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share