بفرحٍ كبيرٍ استقبلنا صاحب الغبطة البطريرك يوحنا العاشر، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، الذي زارنا وسينودسَ أساقفتنا المقدّسَ وهو ملتئم وحاملٌ في صلاته وتفكيره الأوضاع المقلقة في لبنان وسوريا وبعض بلدان الشرق الأوسط. معًا نعلن إيماننا الواحد بالله الآب الذي يظلّل العالم بمحبّته، وبيسوع المسيح مخلِّص الجميع بنعمة صلبه وقيامته، وبالروح القدس المُحيي الذي يزرع بذور المحبة في قلوب البشر،ونصلّي لتتوقّف لغةُ العنف والقتل والدمار في العالم، وبخاصة في البلدان العربية.
كما نعلن تضامننا بروح الشركة مع كل الكنائس المؤتمنة، في هذا الشرق، على إنجيل المحبّة والأخوّة والسّلام، وعلى الشهادة له في حياتنا اليوميّة، وفي بناء مجتمعاتنا العربية مع إخواننا المسلمين، بحكم المواطنة والعلاقات التاريخية العريقة وثقافة العيش معًا، بالتّكامل والتعاون واحترام التنوّع.
وفيما نُصلّي من أجل إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط، التي منها نَشَرَ اللهُ، الذي نعبده معًا، سلامَه في العالم، وتركه لنا عطيةً ثمينة نحافظ عليها لكي نعيش بكرامة وسعادة وفرح، نوجّه هذا النداء:
1-نطالب الخاطفين والدول المعنيّة إطلاق سراح المطرانين بولس يازجي ويوحنا ابراهيم،والكاهنين اسحق محفوض وميشال كيال المخطوفَين قبلهما، وسائر المخطوفين على الأراضي السورية. كما نأمل أن تستمرّ المساعي للإفراج عن المخطوفين أين ما كانوا ومهما كانت ظروف اختفائهم، احترامًا منّا للإنسان وصونًا للحرّيات في مجتمعاتنا.
2-نعبّر عن حزننا وأسفنا لاستمرار دوّامة العنف في سوريا، الذي يقتل البشر ويدمّر الحجر. وندعو جميع الأفرقاء اللبنانيّين، والإقليميّين، والدوليّين للكفّ عن الانغماس في الصراع السوري وتأجيجه.بل على العكس، نحن نناشد الجميع كي يعملوا من أجل السلام صونًا لتاريخ سوريا ودورها الحضاري الذي يعود إلى قرون.
3-ندعو إخواننا السوريّين، وقد خبرنا في لبنان ويلات الحرب العبثية، إلى اعتماد الحلّ السياسي بالحوار والتفاوض، وتغليبه على لغة الحديد والنار، رحمة بنفوسهم وبالأبرياء وبوطنهم؛ فأبناء الوطن الواحد محكومون بالعيش معاً في إطار صيغةِ حكمٍ عادلة ومنصفة للجميع، تولَد من الداخل، ولا تُفرض عليهم فرضًا من الخارج.
4-نطلب من إخواننا اللبنانيين،ومن أبناء كنائسنا بشكل خاص، أن يواصلوا خدمة إخواننا النازحين من سوريا بحسب عاداتنا وتقاليدنا، وبحكم علاقات الأخوّة والقربى التي تجمع شعبَيْنا. كما أننا على أتمّ الثقة بأن إخوتنا السوريين مؤتمنون وحريصون على احترام المجتمع اللبناني الذي يستضيفهم.
5-ندعو الدول الإقليمية، والمجتمع الدولي، والمؤسسات الدولية، الى تحمّل مسؤولياتها الإنسانية تجاه النازحين السوريّين، ومساعدة الدولة اللبنانية والشعبَ اللبناني في استضافة وإيواء أكثر من مليون نازح سوري، وهو عبءٌ يرزح لبنانُ تحته، نظرًا لمحدودية إمكانيّاته على كلِّ صعيد. ويبقى المطلب الأساس إيقاف العنف والحرب، لكي يتمكّن النازحون من العودة إلى بيوتهم وأراضيهم في أسرع وقت ممكن.
6-نسأل الله أن يُلهم جميع الضمائر، ويحرّك الإرادات الصالحة، للعمل من أجل إحلال السلام العادل والشامل، واحترام كرامة الحياة البشرية وقدسيّتها، ونشر ثقافة العيش معًا بالتنوّع المتكامل والمتفاعل في سبيل إنماء الشخص البشري ومجتمعاتنا العربية. فمنه تعالى كلّ عطية صالحة لخير جميع الشعوب.