تجليات دمشقية : أحد آباء المجمع المقدس الأول القديسون

mjoa Sunday June 16, 2013 111

الله بعدما كلّم الآباء بالأنبياء قديماً بأنواع وطرق كثيرة كلّمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه..” (عبرانيين 1 : 1 – 2)
وكلام الابن نعرفه بالروح القدس، الذي يعطينا فهم تقليد الكنيسة المكتوب (الكتاب المقدس)، والشفهي ( شهادة حياة الكنيسة)
… نورد فيما يلي أسبوعياً قبساتٍ من تجليات الرب في رعاياه الدمشقية (في أبرشية دمشق)، تعكسها لنا شهاداتٌ وعظاتٌ لآبائنا خدام الكلمة، الكارزين بالقائم من الموت لأجل خلاص العالم

عظة هذا الأسبوع لقدس الأب سمعان هيلون

 

من صميم المحبة والواجب المقدس, ومن أروع وأجمل الأحاسيس, أن يدرك ويعي المؤمن المسيحي ما تقدمه لنا الكنيسة في هذا اليوم, مذكرةً إيانا بوحدتنا وشرطها في عالمٍ يميلُ إلى الخطيئة والشهوة والشقاق والبدعة والنزاع. ما نحتفل به اليوم كتذكار للمجمع المسكوني الأول هو وعظة أبدية لنا في الحفاظ على وحدة الإيمان والشركة الواحدة. (( ولما قال هذا جثا على ركبتيه مع جميعهم وصلى )) , بولس الرسول يحذرنا اليوم من خطرين عظيمين في حياة الكنيسة, هما البدعة والشقاق. البدعة تأتي من التكلم بأمور ملتوية غريبة عن حقيقة الله والإيمان, ثانياً الشقاق يأتي من التحزب في جسم الكنيسة الواحد, وهكذا الهرطقة تصبح خروجاً عن وحدة الإيمان ووحدة الشركة, والكنيسة تجدد تقديس وتكريس نفوسنا عن طريق وحدة جسم الكنيسة والإيمان والشركة بتذكيرنا بما فعل آباء المجمع المسكوني الأول لحفظ جسم الكنيسة الواحد في هذا اليوم المبارك.

لقد جاهدت الكنيسة المقدسة في كل المجامع المسكونية من أجل التفسير الصحيح للإيمان المسيحي وإطاره العام, والطابع المسكوني لهذه المجامع, أي الوحدة, فحفظت الكنيسة بهذين الأمرين المؤمنين وقدمت الرعاية لهم لعدم الخروج عن الجسد الواحد والوقوع في خدعة المنطق والفلسفة الأرضية الزائلة. بولس الرسول يجثو مع جميع أساقفة أفسس ويصلي, وهذه هي الطريقة الإلهية المعطاة لنا :  أن نجتمع معاً ونصلي أمام الرب بوحدة جسده المقدس, فمن ابتعد عن جسده المقدس في الكنيسة فقد شق جسد الرب والكنيسة وأصبح حزباً خاصاً يريد أن يكون له تلاميذ خاصّون, وبذلك يصبح صاحب بدعة وهرطقة و يشق جسد الكنيسة, وكل شقاق هو احتقار لجسد ودم الرب يسوع الكريمين وكنيسته المقدسة. لذلك أقام الروح القدس خداماً في الكنيسة من أساقفة وكهنة ومؤمنين يرعون جسد الكنيسة المقدس التي اقتناها الرب يسوع بدمه الكريم. إذا تأملنا كمؤمنين بمعنى هذا الكلام المقدس, عندها علينا جميعاً الانتباه لأنفسنا ولجميع أبناء الرعية المباركة ولما يدور حولنا في هذا العالم.

وإذا أردنا أن نكون خداماً حقيقيين ورعاة حقيقيين لجسد الرب, علينا أن نعي واقعنا الأليم الخاضع للشقاق ونخضعه بمحبة للإصلاح, بحسب كلام الإنجيل المقدس من فم الرب ((ليكونوا واحداً كما نحن)), فنجتمع حول كلمة الرب فقط وجسده ودمه الكريمين, ولا نقع في يأسِ النظر إلى الواقع. علينا أن نحب الكلمة الإلهية المعطاة لنا من فم الرب يسوع وروحه القدوس في الكنيسة, وهذا الحب هو السلاح الأعظم, إنه سلاح الروح وقوة الرعاية والخدمة. هذه مهمتنا أن نجمع المتفرقين إلى اتحاد واحد لأننا أخوة, فنجتمع في بيت واحد هو الملكوت المعد لنا. علينا أن نتعب كثيراً وجدياً بمعونة الرب لنبدأ بحياة الملكوت ونحن في هذا الزمن الحاضر. كل منا يحمل مسؤولية وموهبة خاصة ونحن متساوون بالمسؤولية من حيث الاندفاع والغيرة, ولكن حجم المسؤولية حسب طاقة وموهبة كلٍّ منا, وهكذا نكمل عمل الرب له المجد في العالم بالتعاون فيما بيننا بحسب نعمته التي للناقصين تُكمِّل, فلا نتكاسل في المحبة والخدمة بغيرة مقدسة لبعضنا البعض ولكل من يضعه الرب في طريقنا, ولا نكف عن النصح بالكلمة الإلهية التي لا تعود فارغة, بل تأتي بثمار كثيرة لأن كلمة الرب قوية وفاعلة في خليقته, ولننتبه إلى تقديم وبذل كل الإمكانيات, حتى أنفسنا, ونبتعد عن الطمع الخبيث الذي يأكل الفقير أولاً وقد يحرمه جزءاً من كرامة العيش, ولننتبه إلى أمر مهم جداً أنه مهما ضعف الجسد الواحد وأتت عواصف التفرقة عليه, علينا أن نتعب ليل نهار بالوعظ في كل أذنٍ أن يصبروا وتتغلب فيهم محبة وحدة جسد الكنيسة ولا تسيطر عليهم محبة باطلة أنانية تسبب التفرقة والبعد عن جسد الكنيسة الواحد. وإذا اشتدت العواصف فلنا سلاحٌ عظيم معطى لنا من الرب يسوع “أن نجثو على ركبنا ونصلي” ونطلب المعونة منه ليعطينا قوة في تحمل المسؤولية.

الكنيسة المقدسة, جسد المسيح الواحد, والمؤمنون الأتقياء أعضاء هذا الجسد, يعون ويدركون في تذكار هذا اليوم ما هو حال هذا الجسد الذي صعد عنه الرب وهو باقٍ معه إلى الأبد, وسيرسل له الروح القدس المعزي ليتابع عمل الرب يسوع في هذا الجسد المقدس, ويوحد الألسنة التي تبلبلت, أي كل ما يخص الإنسان في روحه وجسده, في إيمانه وأعماله, بما يوافق مشيئة الرب وكلمته, وحقيقة وجود الإنسان في ملكوت الله. لذلك نقرأ في إنجيل اليوم صلاة يسوع الوداعية وتوسله إلى الآب من أجل الإنسانية, وخاصة المؤمنين بكلمته الإلهية, من أجل وحدتنا (( ليكونوا هم واحداً كما أننا نحن واحد )). العالم خُلِق في تنوع وتمايز, ولكن في وحدة متكاملة, ولكننا نرى اليوم كل شيء في العالم يُفرق حتى إلى مجموعات صغيرة, ولذلك مسؤولية المؤمن هائلة, ولكن بمعونة الرب ونعمته يصبح المؤمن قادراً على توحيد النفوس مع الرب يسوع في جسده الواحد بحسب إرشاد الروح القدس الواحد, الذي يريد أن يجمعنا في كنيسته المقدسة بجسد واحد دون شقاق وتحزب, وبمحبة بلا رياء. آمين

الأب سمعان هيلون

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share