تقاطر المؤمنون عشية عيد العنصرة إلى دير السيدة في البلمند، تلبية لدعوة البطريركين يوحنا العاشر وإغناطيوس زكا عيواص الأول، للصلاة على نية سلامة وعودة المطرانين بولس يازجي ويوحنا ابراهيم وسائر المخطوفين، معبرين عن تضامنهم معهم، ومجددين استنكارهم لمثل هذه الأعمال.
بعد الصلاة في كنيسة الدير، خرج الجميع في زياح بالشموع انتهى إلى الساحة الداخلية للدير، حيث اختتم البطريرك يوحنا العاشر هذه الوقفة الصلاتية بكلمة، جاءت كبيان مشترك، قال فيه:
“حياة المطرانين هي علامة بذل مستمرة بيننا، ننحني أمامها بإجلال وامتنان. فما برحا يدعوان ويعملان من أجل الحق والحياة والمحبة الأخوية. وعلما روح التفاني وخدمة كل إنسان، وأخلصا في الإيمان والالتزام مع أبناء رعيتهما وبلدهما. لقد كسر صمتهما المطلق جدار السموات، واستمطرت صلاتهما بركات كثيرة علينا. إذ رغم الألم الذي يعتمل قلوبنا جميعا في هذا الانتظار الذي دام شهرين، إلا أننا نشعر في قرارة القلب أن ثباتهما عظيم، وهو ما يشد أزرنا ويجتذب الكثيرين من العالم أجمع لكي ينضموا إلينا في هذا الجهاد الروحي الكبير، إلى حين يأتي الفرج، الذي نرجوه قريبا جدا”.
أضاف:” يا أبناء حلب الأحباء، لقد أذهلنا ثباتكم اليومي وصلاتكم القلبية ورجاؤكم المنقطع النظير في هذا الظرف الدقيق. لقد تبنانا الراعي الصالح، الذي بذل نفسه عن أحبائه في كل مكان وزمان، وهو لا يتركنا يتامى وثكالى، بل يعطينا قوة اليقين أنه هو مدربنا في جهادنا، ومدبر خلاصنا، هو من يرعى شؤوننا، ويقود حياتنا في هذا الزمن الصعب إلى الملاذ الأمين والرجاء الوطيد واليقين الحقيقي”.
وتابع: “أنتم يا إخوتنا في المواطنة، أبناء سوريا، يحز في نفوسنا ما آل إليه الوطن، وما تتجنى به عليه هذه الظروف الساحقة المدمرة. ندعو أن يكون الإيمان بالإله الواحد مدعاة وأساسا وركيزة للوحدة وليس للتفرقة، للحل وليس لاستمرار الأزمة، للسلام وليس للمواجهة، للحياة وليس للموت. لنعلي بيننا صوت العدل والحق على صوت الظلم والباطل. أنستهين بصوت الضمير الذي هو صوت لله؟ هل بات الوجدان محفوظا للعرض في متحف التاريخ؟ ألم يعد للانسان من قيمة يستأهل من أجلها أن نضحي بالغالي والنفيس من أجل إنقاذه؟ لماذا هذا الإمعان بتجاهل حق الإنسان بالحياة؟ هل من الضروري أن نحطم حياة الإنسان من أجل حق الحياة نفسه؟
وقال: “نحن أيضا ممتنون لتضامن إخوتنا المسيحيين والمسلمين، والذي تجلى في سعيهم معنا لإطلاق سراح صاحبي السيادة، وللقلق العظيم الذي أبدوه ويبدونه لاستمرار الصمت بشأن مصيرهما”.
وتابع: “يا إخوتنا في الإنسانية، نريد أن نصافح أياديكم البيضاء التي ترسل المساعدات الإنسانية، وتضمد الجراح، وتنشر الخير، وتجمع الهمم في سبيل إحقاق السلام. نقدر أيضا جهود الدول والأجهزة الأمنية التي تعمل من أجل الوصول إلى الخبر اليقين بشأن المطرانين بولس ويوحنا، ولكننا رغم ذلك نسجل استغرابنا وتساؤلنا: أهي عاجزة إلى هذه الدرجة بشأنهما؟ نحن مؤمنون أن مصيرهما، أولا وأخيرا، هو بيد الله سبحانه وتعالى. ولكن هذا لا يعفي أي أحد من مسؤولية العمل للوصول إلى الحقيقة وإطلاق سراحهما بأسرع وقت”.
وفي الختام، وجه الخطاب إلى خاطفي المطرانين، وسجلت الكلمات التالية:
“إنها بركة أن تكونوا بمعيتهما (أي المطرانين)، ولكن لا تحتفظوا بهذه البركة لأنفسكم، بل جودوا بهما علينا من جديد، فهما أنفع للجميع، والرب سميح غفور”.