على طريق دمشق!

mjoa Friday July 5, 2013 229

(مهداة إلى المطرانين بولس يازجي ويوحنّا إبراهيم)

يا ربّ، أودّ أن أذكر شاول الطرسوسيّ (بولس الرسول قَبْلَ أن يهتدي)؟!

هذا كُلّف أن يدخل دمشق، ويحوّلها عنك عنوةً. وانتظرته أنت في تلك البرّيّة، لتحوّله إليك! قلْ لي: ما الذي استحليته فيه؟

هل تحبّ الذين، عن معرفة أو عن جهل، يبغضونك، أو يبغضون الذين يحبّونك؟!     اليوم، “دمشق” ينهشها بغض شديد. فهل يمكنك أن تحوّلها إليك؟!

أتذكر؟! يوم حوّلت شاول، كنت تعرف أنّه يطلب أن يُرديك. ظاهريًّا، كان تكليفه أن يُردي أتباعك. أمّا واقعيًّا، فكنت أنت “المطلوب”.

هذا ما أكّدته أنت بقولك له وجهًا بوجه: “شاول، لماذا تضطهدني؟”. كان صوتك في أذنيه، ونورك في عينيه. سمعك! لم تقل له: لماذا تضطهد المؤمنين بي؟

سمعك جيّدًا! وردّ عليك بسؤاله إيّاك: قلْ لي أنت، “مَن أنت؟”. كان صعبًا عليه أن يعرف مَن أنت، أن يعرف فرادتك في محبّتك للناس، ولا سيما محبّتك له! كان صعبًا عليه أن يعرف أنّ ما سألتَهُ عنه يكشف أنّك، مذ ذُبحت على الصليب، تنازلت إلى أن تغدو واحدًا مع الناس جميعًا، وأَوّلهم أولئك الذين جعلتْ لهم شرورُ الأرض موعدًا مع الذبح! أرجوك أخبرني: على أيّ طريق دمشقيّة أنت اليوم؟ الذين يُرْدون الناس في “دمشق”، وكلّهم شعبك، هم اليوم كثيرون.

تُرى، هل يمكنك أن تنتظرهم جميعًا، وتُحوّلهم كلّهم إليك؟ تُرى، هل كثرة الذين يقتلون سواهم ويريدون أن يقتلوا أكثر، تجعلك مسمّرًا على كلّ طريق؟

مَن سيخبرنا عمّا يحدث معك على طرقات “دمشق”؟ مَن سيُدوّن لنا العجائب التي تصنعها؟     شاول، واحدًا، خبرُ تحوّله أَدهش الدنيا.

لن أسألك: كيف لك أن تختار ورودك من بساتين الموت؟ بل: هل ما زلتَ تفعل؟ هل ما زلت تمشي في “بقع الموت وظلاله”، تضيئها، وتبحث عن ورود تقنعك؟ إن كنت ما زلت تفعل، فأرسل إلينا مَن يخبرنا. أخبارك عجيبة فعلاً! لا تتركنا في حيرة، في ضياع، في عمًى. أَرسل إلينا مَن يخبرنا الآن. أضئنا بخبر منك. في “دمشق”، الناس كثيرون منهم ينتظرون خبرًا منك. إن كانت سُبُل التكليف قد ضاقت بك في هذه الأيّام، فتعال أنت نفسك بنفسك. ما من أحد قادرًا على أن يتكلّم عنك، مثلك.

تعال، أَخبرنا ما شئت. أخبرنا عنك، إن شئت. أخبرنا عمّا فعل الناس بك. أخبرنا عن الذين طردوك، وشرّدوك، ونصبوا لك فخاخهم ليقتلوك، وقتلوك.

أخبرنا عن سرّك في الناس، عن الذين يعلمون أو لا يعلمون أنّ مَن يضطهد سواه إنّما يضطهدك أنت وحدك! أخبرنا. ليس كلّ الناس يعرفون أنّك تنازلت إلى أن تُشبهنا، أنّك واحد معنا، أنّك فينا. يا ربّ، يا يسوع، اهمس في قلوبنا ما يُطرّي قلوبنا.

نحن نحيا في ظلمة حالكة. بلى، يا ربّ، عينانا منفتحتان. هل مشكلتنا أنّ عينَينا منفتحتان؟ هل، إذا أغمضتَ لنا عينَينا، نعمى عن كلّ ما يُغضبك؟ افعلها، إذًا! ثمّ أرسل إلينا مَن يقودنا إليك، أو لاقنا أنت نفسك، ووبّخنا على كلّ شرّ فعلناه بك، وعلى كلّ عمل أغضبناك به، وأفهمنا أنّنا نحيا عمرنا هديّةً من أجل أن نخدم حياتك في الأرض.

يا ربّ، هناك، على تلك الطريق الدمشقيّة، حوّلت إنسانًا من عدوّ إلى أخ. تعال إلينا، إلى طرقاتنا ومنازلنا وأماكن أعمالنا، القائمة والمهدّمة، وحوّلنا إليك. لا تتأخّر، فأنت تعرف أنّك، إن أتيت إلينا الآن، فستستحلينا أيضًا!

 

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share