تجليات دمشقية : الأحد الثاني بعد العنصرة

mjoa Monday July 8, 2013 135

الله بعدما كلّم الآباء بالأنبياء قديماً بأنواع وطرق كثيرة كلّمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه..” (عبرانيين 1 : 1 – 2)
وكلام الابن نعرفه بالروح القدس، الذي يعطينا فهم تقليد الكنيسة المكتوب (الكتاب المقدس)، والشفهي ( شهادة حياة الكنيسة)
… نورد فيما يلي أسبوعياً قبساتٍ من تجليات الرب في رعاياه الدمشقية (في أبرشية دمشق)، تعكسها لنا شهاداتٌ وعظاتٌ لآبائنا خدام الكلمة، الكارزين بالقائم من الموت لأجل خلاص العالم

عظة هذا الأسبوع لقدس الأب حنانيا حكيمة

هلمَّ ورائي

“هلم ورائي” تلك كانت الكلمتين اللتين استقرّتا في قلب الرسول بطرس عند سماعه الربَّ يدعوه ليكون تلميذاً، الكلمتان ذاتهما كانتا آخر ما تلقف الرسول بطرس من الرب بعد قيامته (“أنت اتبعني” يو22:21) وكأن ما بين الكلمتين هو إبحار في الدعوة، مدٌ لها لمدى أبعد من حياة التلميذ.


حياة المسيحي دعوة لا يصح فيها إلا أن تدعو أنت لصاحب الدعوة مدعوّين آخرين فتألفوا معاً المحبّة المنشِئة ملكوتاً غير محصور زماناً أو مكاناً.
من هم المدعوون؟

ساخراً من المسيحيين يصف الفيلسوف الروماني (سيلسيوس) في القرن الثاني بأن هذه الحركة (المسيحية) مؤلفة من المنبوذين والمنحطين، يقول:

هذا “المسيح” أتى إلى العالم لينشئ مجتمعاً رهيباً حيث إنه لم يدعو الصالحين أو المفكرين من البشر بل الخطأة، المكسورين، المنبوذين والمضروبين” يجيبه المعلم أوريجانس لاحقاً:

حقاً، لم يدعو المسيح سوى المنبوذ والمكسور ولكنه لم يدعهم لا منبوذين ولا مكسورين، بل صنعهم جدداً.
نأتي إليه جشعين، طماعين فيجعلنا كرماء.
نأتي إليه ملوثين ملطّخين فيجعلنا أنقياء.
نأتي إليه مضطربين، تائهين، ضائعين فيجعلنا لطفاء حاضرين.
نأتي إليه بشراً فيجعلنا مؤلَّهين.

دعوة ليست سهلة، ولكنها ليست صعبة أيضاً!!!؟؟؟
“من أراد أن يتبعني فليكفر بنفسه ويحمل صليبه ويتبعني” لا شيء في هذه الحياة سهل (المسألة نسبية) فمشكلتنا ليست في إيجاد السهل، فالسهل متوفر بكثرة على هذه البسيطة (ونحن غالباً ما نتعلّق، نتمسّك به) ولكن ما نريده حقاً هو ما نريد أن نحيا  ونموت في حبّه هذا فقط ما يملئنا وهو الحقّ. ليس هذا سهلاً ولا هو صعب.

فإن أحببنا “المحبّة” بات الصليب محلَّ الفرح. وإن لم نكن على شاكلة المحبة المصلوبة فالدعوة (الحياة بأسرها) تصبح صعبة لا بل مستحيلة.
الأمر كلّه متعلّق بما تحب أو بالأحرى من تحب وتريد أن تحيا له وبه وتموت من أجله. كلّ ذلك وأنت ممتلئ فرحاً وسروراً متجاوزاً ذاتك نحوه،
له،  إليه…..!!!؟؟؟
ماذا لو لم نتبعه؟؟؟

عندها ستتبدّد المحبة المزروعة فينا موزَّعة على كل ما نصادفه في طريق حياتنا، عندها لن نحب ولن نكره، لن نعشق ولن نرذل، بل التأرجح يكون سيّدَ المسيرة، عندها سنسقط أمام أي شيء، سنقع في حبِّ أي شيء، كلَّ شيء، لا شيء. بينما أنت على حب السيّد ترتفع (الصليب ارتفاع) عن كلّ شيء، على كلّ شيء.

تصبح حياتنا بلا بوصلة العشق السيّدي والتي تتجلّى في الآخر دائماً، بلا لون ولا عبق، فلا حبنا عشق ولا كرهنا رذل ونصبح أنصاف أشخاص، أقرب إلى أفراد فقط. بل لا نحب سوى أنفسنا بينما نحن نرذلها فعليّاً، وجوديّاً.

الهديُ الذي دعانا إليه المسيح هو الحب الأقصى، الأخير حيث تصبح الحياة أمامنا حقاً ولا وجود للموت أو مقدّماته في الأرض.

 آمين

        
          الأب حنانيا حكيمة
         دير عطية 2013/07/07

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share