إله التكفيريين إله لا حول ولا قوّة له. إلههم عاطل عن العمل. إلههم هواهم وشهواتهم. إلههم حرف بلا كلمة ولا فعل ولا روح. إلههم صنم من حجر كقلوبهم. إلههم لا يمتّ إلى الإنسانية بصلة. إلههم بلا رحمة ولا رأفة ولا حنان. إلههم حقود جلاّد قاتل. إلههم جزّار مصّاص دماء.
التكفيريون جعلوا الله على صورتهم ومثالهم. على صورة خطاياهم وآثامهم ورذائلهم. على صورة كراهيتهم وبغضهم ودمويتهم. شوّهوه. مسخوه. جعلوه سفّاحاً، جزّاراً، قتّالاً، ذبّاحاً، مجرماً، جلاّداً، سيّافاً، قطّاعاً للرؤوس، بتّاراً للأعضاء.
التكفيريون جلسوا على عرشه. حكموا بالإنابة عنه. نصّبوا أنفسهم ناطقين حصريين باسمه. دانوا عباده. أرسلوهم إلى الجحيم. احتكروا لأنفسهم السماء والأرض. أقفلوا أبواب الجنّة والملكوت أمام أحبّائه. صادروا فردوسه. أسروه في نطاقهم المذهبي والطائفي.
التكفيريون يسيئون إلى الله أكثر ممّا يسيء إليه الملحدون. فالملحدون يقولون جهاراً إنّهم لا يؤمنون بالله ولا ينتمون إلى أيّ ديانة من ديانات الأرض، وهم تالياً لا يقولون إنّهم يرتكبون جرائمهم باسم الله بل باسم إيديولوجياتهم أو أحزابهم. أما التكفيريون فيزعمون أنّهم يؤمنون بالله ويسلكون بمقتضى أوامره ونواهيه، فيما هم لا يتبعون سوى قراءتهم المشوّهة وفهمهم المنحرف لوصايا الله وأحكامه.
تكمن الإساءة إلى الله في أن التكفيريّين ينسبون جرائمهم إليه عزّ وجلّ. يقولون إنهم باسم الله يقتلون الأبرياء، ويستبيحون الدماء، ويرتكبون المجازر، ويفخخون السيارات في الأحياء الآمنة وفي أماكن العبادة… من هنا تصبح الإساءة إساءتين، الأولى في الجريمة المرتكبة، والثانية في تبرئة الذات ونسبها إلى الله.
يصحّ في التكفيريين قول النبي إبرهيم الخليل لأبيه آزر ولقومه حين رآهم يعكفون على عبادة الأوثان: “ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون” (القرآن، سورة الأنبياء، 52). التكفيريون لا يعبدون الله، يعبدون أصنامهم التي صنعوها بأيديهم. لذلك، يصحّ فيهم أيضاً قول إبرهيم لقومه: “أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئاً ولا يضرّكم. أفٍّ لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون” (سورة الأنبياء، 66-67).
أفّ لكم، أيها التكفيريون، عبدة الأوثان، وسجَدة الشياطين. أفّ لكم، لأن ما تعبدونه لن ينفعكم شيئاً، لكنّه سيضرّكم بلا أدنى شك. فإذا كانت أصنام قوم إبرهيم “لا تنفعهم شيئاً ولا تضرّهم”، فذلك لأنّهم لم ينسبوا أهواءهم إلى الله، فيما التكفيريون ستضرّهم أعمالهم لأنّهم يلصقونها بالله البريء منها إلى يوم الدين.
أفّ لكم، لأنّكم لستم المقصودين بالآية القرآنيّة: “ولتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون” (سورة آل عمران، 104). بل ربّما تصحّ فيهم الآية: “المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إنّ المنافقين هم الفاسقون” (سورة التوبة، 67).
أفّ لكم، أيها التكفيريون. فأين الخير في ما ترتكبونه بحقّ الله والبشر؟ وأين المعروف الذي تفعلونه وتدعوننا إليه؟ وكيف ستنهوننا عن المنكر وأنتم توغلون في دروبه؟ لن تفلحوا، بإذن الله، لأنّكم لا تمثّلون أمّة الرحمة والخير.