الوجه الفريد ألبير لحّام

جورج عبيد Tuesday September 10, 2013 277

ربيت في «حركة الشبيبة الأرثوذكسيّة» على وجوه كثيرة أضاءت المدى الأنطاكي. كان جورج خضر الملهم الأوّل لنا، غير أن ألبير لحام بدا وجهًا فريدًا من نوعه. فتارّة كنّا نقرأ فيه بعضاً من أرستقراطية ارتسمت على وجوه أرثوذكسيّة في لبنان وسوريا. لكن من داخل قلبه وخاطب عقله، اكتشف أن عجينة الرجل لا تشبه أحداً من الناس الترابيين.


تحرّر ألبير من هذه العشرة الجامدة. ويجيء تحرّره من حركة واحدة هي حركة الكتاب المقدّس. الكتاب هو وصيته الأخيرة. إقرأوا الكتاب، أدرسوه، عودوا إليه، إذ فيه تكتشفون بهاء المسيح مرتسماً بكل آخر إلى أي ديانــة انتــمى، فالمســيح غير محــصور بأتــباعه بل هو للكون كلّه.

كلّ النهضة التي عمل لها ألبير لحام في الكنيسة، وجاهد في سبيلها، إنما ارتبطت بهذه الوليمة العظيمة وهي وليمة الكتاب والقرابين. وفي المسيرة التي أوتينا نحن جيل الحرب في لبنان أن نقاربها بالعقل والقلب، كان ألبير يحضّنا على حمل الكتاب ليس بمنطق ثقافة الحروف المغلقة، بل بمنطق من يسعى إلى التكوّن مع الآخرين بالمعيّة المتوازنة، والحركيّة المتوثبة نحو المواطنة.

من هذه الناحية، لم يكن الرجل بعيداً عن حركة الحوار المسيحي – الإسلامي في المشرق العربي. وسعى باتجاه الحوار المسكوني الفاعل، وارتضى أن يبقى صديقاً للدوائر الفاتيكانيّة، ليقينه أنّ المسيحية مدعوّة لحالة وحدوية تعبّر عن نفسها فوق تراب المشرق العربيّ وهضابه.

تغيب في هدأة الأحلام، وتترك لنا إلهاماتك وإشراقاتك، المنبعثة من ينابيع الأحلام… وليس لنا سوى أن نبقى أمناء على تلك الرؤى التي سكنها المسيح، وسيبقى محرّكاً لها في جيل متوثّب يحمل كنيسته على كتفيه ومنكبيه، ويبثّ من جديد الحياة الجديدة، بعيداً عن ثقافة الشخصنة وآليّاتها الحادّة. عنـــدها نكــون أوفـــياء لجــورج خضر وألبير لحام ومرسيل مرقص وكــابي سعادة وكلّ الذين حولوا الصحراء إلى فراديس انفجرت في دنيانا وكشفت الحبّ الكثيف بالفجر المضيء.

جورج عبيد

جريدة السفير بتاريخ 2013-09-19 ، الصفحة رقم 4 – لبنان

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share