آلام وقيامة

mjoa Saturday September 14, 2013 217

ليس من حزن في الكنيسة منغلقاً على نفسه ومنتهياً ومهما يكن من أمر لسنا مرة في موقع وجع معنوي نهائي. الرجاء دائماً لاحق بالألم. هذه مسيرتنا على صورة ان يوم قيامة المخلص كان لاحقا لموته. ليس عندنا انفصال بين الموت والقيامة. باللغة الفلسفية هذه جدلية الموت والانبعاث. لذلك كان فصح الكنيسة الأولى يتضمّن الثلاثة الأيام الأخيرة من الأسبوع العظيم وما كان المؤمنون آنذاك واعين انهم يعيدون ليوم الجمعة العظيم ويوم الفصح مفصولين أو منعزلين احدهما عن الآخر.

الأهمية لهذا الثنائي ان آلام المخلّص ليست نهايته ولكنها انطلاقة إلى قيامته. المسيح كان حياً يوم الجمعة العظيمة كما كان حياً في الفصح. المسيح غالب في آلامه وحي في موته. لما قال: “أنا القيامة والحياة” لم يكن يتحدث عن قيامته من بين الأموات. كان يعني ان شخصه – في صلبه وانبعاثه – هو الحياة لأن الموت ولو حصل جسديا لم يقهره وما أخضعه. الرب حي في كل مظاهره الجسدية.

الأمر العجب ان القيامة في معناها العميق وفي مداها كانت مرافقة للسيد في كل أطوار حياته على الأرض. أجل مات المسيح في الجسد ولكنه ما أبيد. في موته كان حيا لأن ألوهته كانت مرافقته وكانت تحيي جسده. بصورة ما كنا نراها. مات يسوع ولم ينقرض. ما فني الرب لحظة واحدة. هذا سر يفوق العقل ولكن هذا هو ايماننا. يسوع كان دائما حرا من الموت ولو كان في قيده المنظور. موته كان عربون الحياة التي أعطانا اياها. لذلك نقول عن كل أمواتنا انهم راقدون على رجاء القيامة والحياة الأبدية.

نحن في آلامنا الجسدية والنفسية ذائقون موت المخلّص وقيامته بآن. حياته كانت في الصلب كما كانت في انبعاثه من بين الأموات. لذلك في عباداتنا في الجمعة العظيمة لا نتغنى بآلامه منتهية بنفسها ولكن نعرف اذا ذكرناها انها مطلة على القيامة. في آلامنا يغرس المخلص حياته فينا. واذا ذكرنا صلبه عندما نتوجع ينبغي الا ننسى ان هذا الصلب نافذة على القيامة. الفصح في كل طور في سيرة السيد. غلبة المسيح للموت كانت عند صليبه أيضا. ما انطوى المسيح في الصليب. عاش عليه. لذلك نقول صباح كل أحد في صلاة السحر انه في الصليب جاء الفرح لكل العالم.

نحن لا نبكي على المصلوب في صلاة الجمعة العظيمة. نندمج بموته لنحيا حياة جديدة. اذا تأثرنا بالبكاء قليلا فهذا من الطبيعة ولكنا نذوق في الإيمان اننا حاصلون بموت الرب يسوع على حياة جديدة.

نحن قياميون، قلناها مرارا. وذلك ليس فقط يوم الفصح ولكن يوم الجمعة العظيمة. ليس من حقيقة فعالة عندنا الا حقيقة الفصح وهي ظاهرة في كل يوم من الأيام وفي يوم العيد. اذا تكلّمنا في العبادات عن آلام المخلّص لسنا ناسين اننا بهذه الآلام مسافرون إلى انتصار الفصح. في آلام يسوع أنفسها نحن ناظرون إلى غلبة القيامة. نحن لا نتوارى بالآلام ثم نبعث. نحن قائمون مع السيد دائما ولسنا راقدين في قبر الأحزان.

القيامة كامنة في كل أعيادنا. الأعياد تصب في قيامة المخلص. كل ترتيب في الكنيسة صار عندنا استعدادا لفصح السيد ولفصح كلّ منّا ثمرةً فينا لفصح الرب.

 

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share