لماذا أكتب؟

mjoa Saturday October 12, 2013 167

لماذا يكتب الكاتب الحق؟ وماذا يعني الكاتب الحق؟ هو الذي لا يستطيع الا أن يكتب؟ هو الذي يتكون مما يكتب أي يحيا مما يعني. هو الذي يكتب كما المرأة تلد فكما لا تفرق هي بينها وبين المولود لا يفرق هو بينه وبين ما يقوله على غرار قول الإنجيل الرابع: “في البدء كان الكلمة”. ومعناها الواضح أنه لم يكن من مسافة بين الله وما قاله أي لم يمر وقت كان الله فيه أبكم.

لماذا أكتب؟ أقبل ضعف الذين يحسون أنهم يكتبون ليحققوا ذواتهم. هؤلاء ينطلقون من أنفسهم. أما الذين ينطلقون من الحقيقة فلكونهم يحسون أنهم هم وقرّاؤهم للحقيقة. أكتب لأني لا أستطيع أن أكون أمام عيني اذا لم تقل عيناي ما تنظران. الحياة بوح بعد إحساس. الكاتب الحق لا يكتفي بنقل ما يشعر به. البوح عنده مكان الإلتقاء بين ما عنده وما يحسبه قائما في الآخرين. الحقيقة هي ما بينك وبين الغير. هي الجامع بين الملقي والمتلقي.

ليس صحيحا أن الكلمة هي حصرا كلمة القائل. الكلمة واحدة بين المتكلم والمخاطب. أنت تعطي سامعا يسمعك أي أنكما معا صاحبا المعرفة. أنت في رومنسية هزيلة تكتب لكي تشعر أو يكتمل شعورك. في ذروة المعراج أنت تكتب لكي تصبح والقارئ شخصا واحدا في الحقيقة.

أجل، تكتب لتشهد ولكن الشاهد واحد مع ما شهد. يأتي مما شهد ويبقى في شهادته من بعد صمت. هو ما بدا شاهدا الا لأنه يحيا في الشهادة والتعبير عنها أتى في ما بعد. تكتب لأنك تمخضت وتتمخض لأنك تحسب أنك موجود في ما تعطي.

في النهاية تكتب لأنك تحب أي لأنك نسيت نفسك وتحيا لمن أعطاك ولمن تعطيه. في إماتتك نفسك ينوجد الآخر وهمك الآخر. «أحبب قريبك كنفسك» تعني في الأخير أنك لا تقدر أن تحب الآخر الا إذا قبلت بموتك. موتك شرط حياة الآخر. أحبب قريبك كنفسك لا تعني عندي أحبب قريبك كما تحب نفسك حسب التفسير الظاهري ولكنها تعني أنك لا تستطيع أن تحب الآخر اذا بقيت محبا لنفسك. واحد ينبغي أن يموت ليظهر الآخر.

لماذا اكتب؟ ليظهر الآخر بدءًا من أن يعرف نفسه فيظهر الآخرون. أما اذا بقي محصورا في نفسه، مقيما اياها في غنجها فإنه يميتها. ليس عندي من جواب عقلي عن هذا السؤال بدءا من أني لا اكتب عمدا الا لينوجد الآخر. على هذا الطريق لا بد أن أعثر على نفسي ولكن ليس منعزلة فإنها اذا انعزلت تموت. نفسي ممدودة أو تنطفئ نفسي في شركة وجود منذ نشأتها أو ولدت سقطا. انت تعرف نفسك منبسطة أو تراها ميتة. «من أراد أن يخلص نفسه يهلكها» إذ تنوجد من موت طوعي.

 

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share