وحدة العائلة

mjoa Friday November 1, 2013 99

التفاتة الكل الى الكل، هذه هي الوحدة. ولكن يلتفت الى الآخرين من التفت الله اليه، من عرف نفسه ابنا لله حبيبا. ينشئ الآخر بالرعاية، بدوام اللطف لأنه ذاق لطف الله. ومن خلال رعايته لنا، نعرف الله راعيا. يجب أن تذوق المرأة أن زوجها مُحبّ لأن هذا يُحييها، ولكن الأهم من كل ذلك أن تكتشف أن محبته هذه آتية من إيمانه وان لها استمراره، فتعرف من خلال زوجها وجه الله.

واذا الرجل زادته امرأته أُنسًا، فليس لكي تزداد في الحياة راحته -هذا طيّب- ولكنه يعرف أن ما يتلقّاه انما من الله يتلقّاه، وأن هذا أُنس في الوجود كله، وأن الله يجب ان يكون مشكورا.

يقدر على العطاء من استطاع أن يتّصل برب العطاء. الأشياء المادية التي تجمعنا بالآخرين تذهب وتأتي الخيبات. فالنضارة تفنى والمال يفنى. كل وحدة سطحيّة كنا نقيمها تتلاشى بظهور العيوب والانكماش الذي يعود اليه الانسان من بعد اضطراب. العائلة دائما مهددة بالعواصف تهبّ في كل شخص فيها. أن نتّخذ الآخر في مسؤوليتنا، في فهمه والعودة اليه بلا كبرياء مجروح وبلا نفاد صبر من أدق الأمور لأنها تطلب نضجًا يكاد ان يكون مستحيلا.

ولكن الحيـاة الـزوجيـة هي هـذه أنـك لم تبـقَ وحـدك ولا تتـصرف من أجـل لذّتـك. لا تكـون الأشياء لأنك انت تقـرر ما يحلو لك، ولكنك تُرضي الآخـر، لا بمعنـى أنك تلبّي كـل رغباتـه، فـليـس فـي الأمـر غنـج، وأن تكتفي شـرّه بالسكوت، وأن تُساوم على الحـق فإنك تـريـده في الحق. ولكنـك تُـرضيـه بـدوام الانـتبـاه والتـنبيـه الى ما يـوافقـه. لا تقـره على ما لا يـوافـق الله، فأنت في البـيـت لسـت تاجـرا تتـوافـق حسـب عقـود. انت تعـطي بلا حساب فإنك على الآخر ساهـر. ليس بينكما سوق. ليس بيـنـكما شـروط، ليس بينكما مال، ولا تـذكـُران الحقـوق بل كلّ يذكُر واجبه هذا الذي تكلم الله عنه، ويحبّ واجبه ويؤديه حتى ينشأ الآخر في دلال الله.

كذا الأولاد نحبّهم. ليس فقـط حسب العـاطفـة الطبيـعيـة، ولكن لأنهـم صاروا رعيـة الله. هم أبنـاؤنـا، ولكنهم ليسـوا ملكًا لنـا. نعطيهـم للـرب، لمعرفته، لنموّهم في العمل الصالح. واذا أَحبـّونـا فلكي يحبـّوا الله من خلالنـا، ليكتشفوا من خلال البنوة أن لهم ربّا أبًا واحدا وهو الذي في السمـوات. نحتجـب في الأخيـر لتظـهـر أُبـوّة اللـه.

عنصر الوحدة في العائلة ليست العواطف وهي هشة. الله وحده عنصر الوحدة. فإذا اتّحد كل منا به ونما في تقواه، يستمدّ منه الوحدة ويضعها في العائلة. اتحاد كل انسان بالرب هو وحده سر اتحاده بالآخرين. من صار مع الرب روحا واحدا يكون مع الكل روحا واحدا.

 

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)

 

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share