إيل هو اسم الله في الآرامية، لغة شعوبنا قديماً. للمفارقة سمي واحد من رؤساء الملائكة ميخائيل وتعني من مثل الله والفكرة انك تلتصق برئيس الملائكة الحامل هذا الاسم لتقول حقاُ إنه لا يستحقه فإن أحداً في الكون ليس مثل الله. الملاك يتأمل الله ولكنه ليس مثله. ليس أحد مثله مع أنه هو القائل في العهد القديم: “أنتم آلهة”. التشبه بالله مطمع مسيحي. أنت ترى نفسك لا شيء ولكنك تطمع بأن تكون شبيها بالله. هذه هي المفارقة وهذا هو الإيمان أنك تعرف نفسك لا شيء ولكنك تعرف انك مدعو إلى ان تتشبه بالمسيح بمعنى ان الآب قادر ان يجعلك مسيحاً له أي على صورة ابنه والصورة شبيهة بالمثال ولكنها ليست هي المثال.
ميخائيل تحمل تضاداً ككل اسم إلهي ليس بمعنى التناقض ولكن بمعنى ان الضد يظهر حسنه الضد. فاذا قلت: “من مثل الله” تؤكد شيئين متقابلين – وهذا معنى التضاد بالعربية – ولكنهما ليسا متناقضين أي ليسا متنافيين. تريد في الحقيقة القول اننا لسنا في الواقع مثل الله وتريد القول أيضاً إننا مدعوون ان نصير مثله. فإن لم تكن هذه المثلية ممكنة ليس من مسألة. بأي معنى هي ممكنة وإلى أي حد؟ اللاهوت الارثوذكسي المتصل بالأصول دائماً يقول اننا نؤلَّه (بفتح اللام وشدها). كيف نصير إياه ولا نكون من جوهره؟ هذا سؤال دقيق في اللاهوت. نأتي من اشعاعاته، من إطلالاته ومن هذه الزاوية نحن منه. هذا هو سر لاهوته وسر حبنا. الداخلون في هذا يفهمون حتى نبصر كل شيء في اليوم الأخير.
المسيحية على دعوتها إلى التواضع أمام الله لا ترضى إلاً ان نتشبه به. هي تقول بالفارق بين الله والانسان من حيث الجوهر ولكنها لا تبطل المعايشة بينهما. وما كان عندها أقل من المعايشة ليس بشيء. نحن في اللاهوت المسيحي لسنا فقط متشبهين بالله. نحن في حياته وان لم نكن من جوهره. هذا يجب تأكيده بصراحة لئلا نقع في الحلولية أي في اختلاط الجوهر الإلهي والجوهر البشري.
نؤكد اننا غير الله. هذا كلام في جوهر الأشياء. لكننا نؤكد انه فينا واننا فيه وهذا من الحب. وحبنا له موجود وليس فقط توقعاً.
عندما نقول “من مثل الله” نؤكد شيئين متواجهين غير متناقضين نعبّر عنهما بأننا شبيهون به بالحب ولسنا مختلطين بالجوهر. هذا يعني ان الله يتحرك فينا واننا نتحرك فيه. نحن في حيثيته وان لم تكن امكانية. لا أحد يستطيع ان يوضح أكثر من ذلك. فإن لم تكن حيثية ما ليس من شيء. ليس أحد يستطيع ان يوضح عقلياً أكثر من هذا. ولكن ان لم تقل إنك في الله لا تكون قلت شيئاً. تكون في الكلمات وليس في الوجود.
اذا تحدثت عن الله والانسان معاً ولم تقصد صلة، تداخلاً، تواصلاً، ربطاً لا تكون قلت شيئاً. تعالي الله المطلق عن الانسان نفي لله والانسان معاً. تعبير تجسد ابن الله في المسيحية لا ينحصر في انه اتخذ جسداً من العذراء. يعني تداخلاً ما وهل في الحب أقل من تداخل؟ تخترق الهوة بين الخالق والمخلوق كيانياً؟ هذا مستحيل. ولكنك تخترقها بالمحبة التي هي الوجود الحقيقي.