الله قديم جديد، واهب بركات. إن كنت ترجو شيئًا آخر في الأيام المقبلة لست على شيء. سيقول لك الله ما لم يقله إن كنت له أو بالحري سيقول لك ما لم تسمعه. بلغتنا إنك ابنه أي إنك حبيب. ستكون لك سنة جديدة إذا اكتشفت الله كما لم تعرفه. ليس من إله لك ما لم تعرف أنك حبيب. وجوده لك هو وجودك له. أنت مع الله في مبادلة بمعنى أنك تصير كلك اليه ويصير هو كله لك وتعرف هذا فتحيا.
الأيام الآتية لا تلقاها أنت إن لم تحمل اليك مضموناً. أنت ترجو اليها سعادة أي أن يكون غدك أبهى من البارحة وإن كنت من المؤمنين أقرب الى الحق. بعد خبرة الحق أنت لا تسعى الى شيء آخر. وإن أقمت فيه تشعر أنك في الله مقيم.
القضية ليست قضية أيام تتقلب. الآتي لا يعنيك إن لم يكن لك إقامة في الحق. أفهم أن تعني لك السنة الجديدة زمناً خالياً من الحرب، متعة سلام، غير أن السلام تؤتاه من قلبك. الزمان زمان قلبك، جدته أو عتاقته. أهمية الأيام في مضمونها. هل تحمل بركات أم تتوالى على التفه؟ الجدة ليست في التواتر. إنها في نوعية وجود.
لك أن تأمل لكن الوعد الإلهي هو الذي يحقق. إذاً أنت مشدود ليس الى الآتي بل الى القائم، الى غد يقيمك من بين الأموات. الأزمنة تتوالى ليست بشيء. أنت لا تنتظر الآتي ولكن ما يحمله من الحقيقة، من الخير، من تجديد للنفس. ترجو أن يزول العتيق. كان في ماضيك شيء من العتيق ولكن كان فيه شيء من الأبدية. رجاؤك أن يحمل آتيك الكثير من الأبدية، أن يأتيك فقط بالبركات.
ماذا تعني لك في هذه المسيرة الصلاة؟ هي انتقالك فوق تقلبات الزمان الى ما يدوم من النازل عليك من ربك. الصلاة هي ألا ترزح تحت الرتيب أو تحت خطاياك. أنت لست آتياً من الأيام تتوالى. أنت تنزل من فوق ما شئت لأن ربك دائماً يشاء. أنت قادر فقط إن عزمت أن تتخلص من خطاياك. الطهارة وحدها قادرة. لذلك أمكنك ألا تصير عتيقًاً. “الأشياء القديمة مضت. ها كل شيء صار جديداً” (٢ كور ٥: ١٧). الزمان لا يعتقك إن قررت أن تبقى على الرجاء. تاريخك تاريخ عزائمك. والعزم تؤتاه إن أحببت أن تصير حليف الله. والرب ليس فقط هو الذي أوحى ومضى. إنه دائماً آتٍ. إنه هو “اليوم وأمس والى الأبد” (عب ١٣: ٨). وأنت في كل أزمنته.
أدرك ماذا تستقبل أو من تستقبل. الأشياء كلها تمضي. ربك لا يمضي. أنت لا تنتظر زماناً. تنتظر ربك في الزمان الآتي أي تنتظر شيئاً حقيقياً في زمن متقلب. وإذا حل فيك ربك ينتهي عندك التغير. ولا تخشى الآتي أو الغامض في الآتي. إذا رجوت تتحقق بما أعطاك ربك من مواهب. القضية في ألا تخاف. بهذا وحده تبقى.
أنت لا تبقى بتحصيلك في ما هو من هذا الزمان. أنت باقٍ بنعمة الروح الإلهي. الأزمنة المتقلبة ليست بشيء. النعمة إذا حلّت عليك هي باقية. تذهب سنة وتجيء أخرى وأنت ترجو ما يأتي ولكن في الحقيقة لا تنزل عليك سوى النعمة ولا يأتيك إلا الرضا. أن تكون قائماً في محبة الله إياك هو كل وجودك. ليس من إنسان يحيا بقوته. أنت تحيا فقط بالنعمة لأن الله هو يحيا فيك وبذا تكون جديداً وتنزع الثوب البالي وتلبس التجدد بالحق.