آحاد التهيئة للصوم (أحد الفريسي والعشار)

mjoa Saturday February 8, 2014 459

تفسير انجيل الفريسي والعشار

قال الرب هذا المثل: 10 «إِنْسَانَانِ صَعِدَا إِلَى الْهَيْكَلِ لِيُصَلِّيَا، وَاحِدٌ فَرِّيسِيٌّ وَالآخَرُ عَشَّارٌ. 11 أَمَّا الْفَرِّيسِيُّ فَوَقَفَ يُصَلِّي فِي نَفْسِهِ هكَذَا: اَللّهُمَّ أَنَا أَشْكُرُكَ أَنِّي لَسْتُ مِثْلَ بَاقِي النَّاسِ الْخَاطِفِينَ الظَّالِمِينَ الزُّنَاةِ، وَلاَ مِثْلَ هذَا الْعَشَّارِ. 12 أَصُومُ مَرَّتَيْنِ فِي الأُسْبُوعِ، وَأُعَشِّرُ كُلَّ مَا أَقْتَنِيهِ. 13 وَأَمَّا الْعَشَّارُ فَوَقَفَ مِنْ بَعِيدٍ، لاَ يَشَاءُ أَنْ يَرْفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ، بَلْ قَرَعَ عَلَى صَدْرِهِ قَائِلاً: اللّهُمَّ ارْحَمْنِي، أَنَا الْخَاطِئَ. 14 أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هذَا نَزَلَ إِلَى بَيْتِهِ مُبَرَّراً دُونَ ذَاكَ، لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يَتَّضِعُ، وَمَنْ يَضَعُ نَفْسَهُ يَرْتَفِعُ».

farrisi w 3achar

1-قال الرب انسانان صعدا إلى الهيكل ليصليا أحدهما فريسي والاخر عشار :إن يسوع الاله المتأنس قد فضل المثل على الكلامالصريح في تقديره هذا التعليم الضروري لخلاص البشر لان المثل يمثل الامور كأنها في صورة
ومتى كانت تلك الصورة مزينة بألوان بهية وواضحة تشخص الامور بعينها أمام أبصارنا وتوضحها بطريقة أجلى وأوضح تبينه الاقوال الصريحة حتى يعتقد لك أنك تشاهد الامور التي يعلمك إياها المثل أفضل من السمع وهذا مايستدعي انتباه السامعين ويدخل التعليم في كل قلوبهم بكل سهولة ولذة وشغف
نرى ذلك واضحا في المثل الذي تلي في يوم الفريسي والعشار اذ كان الفريسيون أشرار ومرائين يخفون خطاياهم ويظهرون فضائلهم على سبيل الرياء والظهور وكل أعمالهم كانوا يعملونها رياء أمام الناس ومن ثم كان الناس يحسبونهم من أهل البر والصلاح والتقوى
ولما كان العشارون الذين يجمعون الاموال الاميرية كثيرا مايقترفون الظلم والسلب والاغتصاب والتهجم على البشر بدون حق
كان الجميع يحتسبونهم خطأة وأثمة فاختار ربنا يسوع المسيح هذا المثل ممثلا الانسان الصالح والبار العشار بمقام الخاطئ الاثيم فقال:انسانان صعدا إلى الهيكل ليصليا وكان إحداهما فريسي أي صالحا والاخر عشار أي خاطئ

2-أما الفريسي فوقف يصلي في نفسه هكذا اللهم أنا أشكرك لاني لست مثل باقي الناس الخاطفين الظالمين الزناة ولامثل هذا العشار:
إن الصلاة على ثلاثة أنواع :1تمجيد به نمجد الله على عجائبه وأعماله
2:وشكر نشكره به تعالى على نعمه وخيراته علينا
3:والتضرع من أجل أن يرحمنا ونطلب إليه مايهم الخلاص
ويظهر أن صلاة الفريسي كانت من نوع الشكر وقد شرع بها على أسلوب حسن فقد وقف في الهيكل وجعل يصلي في نفسه أي على انفراد قائلا:اللهم أنا أشكرك غير أنه لم يتابع شكره بل جعل يذم الناس ويمدح نفسه ولم يقل أشكرك اللهم لانك جعلتني أهلا لنعمتك التي حفظتني من كل خطيئة بل انتحل لنفسه عمل النعمة الالهية ونسب كل عمل الفضيلة إلى قواه الشخصية فقط ورفع نفسه واحتقر سائر البشر
فقال لست خاطفا ولاظالما ولازانيا مثل باقي الناس ولامثل هذا العشار الظالم الغاصب فهذه الاقوال إنما تدل على عظم كبريائه التي تحرك بها فمه ولسانه تفاخرا ومباهاة وقد قال الرب صريحا “بدوني لاتقدرون أن تعملوا شيئا”
وقد أكد رسوله الالهي أن الله يقوي إرادتنا في الخير ويتمم عمل الفضيلة حيث قال”فإن الله هو يعمل فيكم الارادة والعمل على حسب مرضاته
وأما الفريسي فقد أخذ هذين الامرين من يد اله تعالى ونسبها إلى قوته ، ومن الواضح أننا نحن البشر نشابه بعضنا بعضا في التعرض للاهواء وغيرها وأما الفريسي فظن نفسه غير معرض لها وأسمى من الطبيعة البشرية :فانظر ماأعظم كبريائه فإنه لم يقتصر على المباهاة والافتخار بأنه أسمى من سائر الناس لابتعاده عن الخطايا المتسلطة عليهم ولم يقف عند هذا الحد مع مافيه من العجرفة والعجب بل حاول أن يظهر نفسه في أسمى درجات الفضائل وافتخر بأعماله الصالحة علما منه بأن الفضيلة الكاملة لاتقوم بالابتعاد عن الاعمال الشريرة فقط بل بعمل الخير أيضا كما قال داوود المرنم :
حد عن الشر واصنع الخير

-3وعليه فقد قال :أصوم مرتين في الاسبوع واعشر جميع أموالي إن اليهود كانوا يصومون مرتين في الاسبوع على حسب التقليد
وهذا الصوم كان يصير يومي الاثنين والخميس لانهم كانوا يعتقدون أن موسى النبي صعد إلى جبل سيناء يوم الخميس ونزل منه يوم الاثنين وكان مفروضا على اليهود طبقا لناموس موسى أن يقدموا لله كل سنة عشر أثمار الارض كما ورد في كتاب اللاويين
(وكل عشر الارض من حبوب الارض وأثمار الشجر فهو للرب قدس للرب)
وايضا كما ورد في سفر تثنية الاشتراع “تعشرا تعشر كل أثمار الارض (زرعك) الذي تزرع يخرج سنة بسنة وتأكل أمام الرب إلهك في المكان الذي يختاره ليحل اسمه فيه عشر حنطتك وخمرك وزيتك”
ومن ذلك يظهر أنه لم يكن مفروضا على اليهود أن يعشروا لله كل مالهم فلا يتدخل تحت التعشير اللبن مثلا والجبن والسمن وأما هذا الفريسي فكان يفتخر بأنه يصوم مرتين في الاسبوع وبأنه يقدم لله عشر جميع موجوداته أضف إلى ذلك مايحدده الناموس فقد قال”أصوم مرتي في الاسبوع واعشر جميع مالي”
وبذلك أبدى أنه في أعمال الفضيلة أيضا ممتاز على سائر الناس
وقد ذكر كلا من الفضائل المقابلة لكل خطيئة مضادة لها من الخطايا التي عددها فذكر الصوم ضد الزنا لان الصوم يكبح جماح الاهواء الجسدية وذكر تعشير ماله ضد الخطف والظلم والاستبداد هذا بشأن كبرياء الفريسي
فاسمعوا الان عن تواضع العشار

pubphar
4-]وأما العشار فوقف من بعيد لايشاء أن يرفع إلى السماء عينيه
وكان يقرع صدره قائلا اللهم ارحمني أنا الخاطئ إن العشار وقف في الهيكل كالفريسي ولكن عن بعد أي غير قريب من المذبح لانه كان يعتبر ذاته غير مستحق أن يدنو من مذبح الله تعالى
وقد أحنى رأسه لانه لم يكن يشاء أن يرفع عينيه وينظر إلى السماء لاعتقاده بأن عينيه التي كانت قبلا منصبتين بالكلية على الامور الارضية لاتستحقان أن تترفعا إلى السماء(عرش الاله القدير)وكان يقرع صدره لانه كان إناء لآثامه
وقد أوضح بذلك أنه مستحق على خطاياه كل قصاص وعقاب شديدين وكان يصرخ بصوت جهير وقوة معلنا أنه خاطئ وطالب رحمة الله قائلا ارحمني زكن غفورا لكثرة زلاتي وخطاياي ارحمني اللهم أنا عبدك الخاطئ وكل ماظهر منه على شدة اتضاعه إن كان من جهة موقفه أو من جهة كيفية انحناء رأسه إلى أسفل أو بقرعه صدره أو بالاقوال التي نطق بها
فاسمعوا الان مغزى هذا المثل كله.

5-أقول لكم إن هذا نزل إلى بيته مبررا دون ذاك لان كل من يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع
إن نص هذه الاية يبين جليا واضحا أن العشار الخاطئ المتواضع نزل من الهيكل مبررا عكس الفريسي المتكبر المبرر ذاته
فإن العشار مع أنه كان خاطئا فقد تبرر بالاتضاع وأما الفريسي فمع أنه كان صاحب فضيلةقد حكم عليه نظرا لتكبره
ونستدل على أن هذا هو المعنى المراد قوله “دون ذاك”( أولا) )من سياق الكلام التالي هو
(لان كل من يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع)
وكيف يتضع عليه إلا بالحكم والاقصاص منه ومعاقبته من الله (ثانيا)من قول إلهي آخر ورد في الكتاب المقدس (الرب يقاوم المتكبرين ويعطي المتواضعين نعمة )
لانه ليس انسان يحيا ولايخطئ ولو كان عمره يوما واحدا وقد أبدت ذلك الكنيسة المقدسة مبينة في تراتيلها معاقبة الفريسي وحسن مكافأة العشار حيث تنشد قائلة”إن الفريسي بافتخاره قد سلب الخيرات وأما العشار فبصمته قد استحق التعميم “

 

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share