نزعتم الصليب عن صدور الراهبات… انزعوه!

mjoa Wednesday February 12, 2014 112

تستمرّ مهزلة استضافة راهبات القديسة تقلا لدى المسلحين الأتقياء الذين يمارسون شعائرهم الدينيّة يومياً بعدما أضافوا إليها ما لا يمتّ إلى ما عهدناه في بلاد الشام، في أنطاكية التاريخية، من شركائنا المسلمين عبر أربعة عشر قرناً. لكن لا بدّ من شكرهم لأنّهم أعطونا دليلاً على أنّهن ما زلن يتنفسن، ذلك أنّ مستضيفي المطرانين بولس يازجي ويوحنّا إبرهيم والكهنة الآخرين لم يعطونا إلى الآن أي إشارة عن مصيرهم.

صحيح أنّ السيّد المسيح قال: “مَن لطمك على خدّك الأيمن فحوّل له الآخر” (متّى 5، 39)، ونحن نعمل ما بوسعنا لتنفيذ وصية الرب هذه بأمانة وقناعة راسخة بأن “الشرّ لا يقاوَم بالشرّ”. لكنّه أوصانا أيضاً بعدم الكذب، فلماذا تُجبرون الراهبات على الكذب، ألكي تزيدون إثماً على آثامكم؟

وقد قال الربّ أيضاً: “أحبّوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم” (متّى 5، 44). كونوا متيقّنين أنّ الراهبات لم يحدن عن هذه الوصيّة، وهنّ يصلين من أجلكم، وإن كنتم تعتبرون هذه الصلاة كفراً بواحاً. أنتم جعلتم أنفسكم أعداءهن، ولاعنيهنّ، ومبغضيهنّ، ومن المسيئين إليهنّ، إضافة إلى أنكم طردتموهنّ من ديرهنّ المقدّس عن غير وجه حقّ.

ألا يوصيكم كتابكم بأن تعاملوا بالحسنى نصارى دياركم، حين قرّر: “ولتجدنّ أقربهم مودّة للذين آمنوا الذين قالوا إنّا نصارى ذلك بأنّ منهم قسّيسين ورهباناً وأنّهم لا يستكبرون” (سورة المائدة، 82). راهبات معلولا لم يستكبرنَ ولم يحملنَ السلاح، بل تسلّحن بالمحبّة والرحمة، وقد رأينا أعينهنّ الخائفة تفيض من الدمع ليس لأنهنّ سمعن “ما أُنزل إلى الرسول” (المائدة، 83)، بل لأنهنّ شاهدن أعمالكم القبيحة.

ألا يوصيكم أيضاً بالقسط والعدل حين قرّر: “لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرّوهم وتقسطوا إليهم إنّ الله يحبّ المقسطين” (سورة الممتحنة، 8). أين القسط في احتجازكم راهبات لم يقاتلنكم ولم يخرجنكم من دياركم؟ كيف يحبّكم الله وأنتم تخالفون ما تعتبرونه من محكم آيات الله المنزلات؟

ثمّ أرجو من إخوتي السوريّين أن يدركوا أنّ كلامي عن الراهبات، هنا، لا يعني أني لا أبدي اهتماماً بما يعانيه السوريون الآخرون، سنّة وعلويّين ودروزاً وملحدين. وقد كتبتُ، في مقالات سابقة، أنّ المسيحي السوري ليس أغلى من سواه، وأن الكنيسة ليست أغلى من المسجد، وأن معلولا ليست أغلى من أحياء حمص وحلب… وأنّنا جميعاً سواء عند الله الرحيم والمحبّ للبشر.

يقول القدّيس بولس الرسول: “وأمّا من جهتي، فليس لي أن أفتخر إلاّ بصليب ربّنا يسوع المسيح، والذي به قد صُلب العالم لي وأنا للعالم” (غلاطية 6، 14). نزعتم الصليب عن صدور الراهبات، انزعوه! فنحن لا نعوّل على الظاهر. لكن اعلموا أن الصليب محفور في قلب كل واحدة منهنّ، في لحمهنّ ودمهنّ وأعصابهنّ وعظامهنّ وعقولهنّ ومسامهنّ… ولن يستطيع أحد أن ينزعه أو أن يطمسه.

رسالة المطرانين والراهبات ورفقائهم هي أن سوريا لنا، كما لأهلنا كافة، ونحن مدعوّون إلى الشهادة فيها لربّنا الفادي، ولن نخذله. وساعة تأتي الساعة تجدنا قائلين: لبيك، يا ربّ المجد، لبيك.

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share