جاء المسيح ليقضي على الخطيئة، ليقدم عرضه هذا على الإنسان لأن المسيح لا يريد اقتحام الإنسان. هو مخلص ولكن لا يخلص إلا من ارتضى الخلاص واعتنقه وابتهج به. الله لا يقتحمك، لا يغتصبك، يعرض نفسه عليك فيصبح الخلاص حقا نتيجة حوار بينك وبينه. يتنازل الله إليك ليصير محدثك. لعل كل سموه انه جعل نفسه على سوية واحدة معنا. قبل ان يجعل اتصاله بنا حديثًا معنا. يتواضع الله ويبقى الله.
ان يقضي المسيح على الخطيئة هو ان يفتح لنا باب البر. البر ليس انتصارًا على الخطيئة فحسب. انه دخول الله إلى ذاتك وتجديده إياك ودعوتك إلى رتبة الألوهة وأنت على بشريتك. الله فوق ويصير إلينا بتواضعه. أنت تصير إلى فوق برضاه مع تطوعك. قضاء الله على الخطيئة يتطلب قبول الإنسان لهذا القضاء لكن الإنسان يحب خطيئته ويفعلها استلذاذًا. الإنسان قبيح. ولا يقضي على الخطيئة الا البر تستطيبه. هذا لا ينحصر في الحسرة. البر فيه الفرح وإيثاره عقليًا على الدنس وليس فقط تمنيًا أي يجب ان تحب البر لتفعله. هكذا يصبح برك بر الله.
اذا قلت ان المسيح جاء ليقضي على الخطيئة أكون قد قلت ان القضاء عليها من حبك لله أي ان تراه أبهى من ملذاتك. اللذة مستطابة فإن لم تؤثر الله عليها تغلبك. اذا قوي فرحك بالله على كل لذة يجذبك. لذلك يجب ان تغذي فرحك به لأن الإقامة ان لم تكن عنده فهي عند الشرير.
الموت عدو كما قال الرسول لأن “أجرة الخطيئة هي الموت”، لأن الحياة مع المسيح هي الحياة. المسيح أتى بالحياة الجديدة التي لم نكن عليها.
عندما نقول ان يسوع جاء ليقضي على الخطيئة نكون راجين ما هو أبعد من هذا. نكون راجين فرح البر وهو معايشة الله. لا يكفي ان نرجو القضاء على الخطيئة والمكوث في الخطيئة. المهم ان نكون مع وجه الرب. ليس المهم التماس البر من حيث هو بر. المهم التماس وجه الرب لأن كل الوجود في وجهه.
المكوث عند المسيح شعور يجب ان يكون أقوى من التحرر من الخطيئة. التحرر من الخطيئة هو بدء الفرح. أما الفرح الكامل فمعاينتنا وجه يسوع.
يمكن ان تقول أنا اكتفي بوجه المسيح اذا فهمت ان هذا الوجه يقودك إلى وجه الآب. المنتهى ليس المسيح في الجسد. المنتهى الآب حسب تأكيد السيد: “من رآني فقد رأى الآب”.
من كان مسيحيًا يفهم ان المسيح هو الوسيط بينه وبين الله. نحن لا نكتفي بذكر الله مفصولاً عن مسيحه. “لا أحد يأتي إلى الآب إلا بي”. ان لم تذكر المسيح في كلامك عن الله تكون من أهل العهد القديم. المسيحية هي هذا ان ترى الله في مسيحه.
اذا شدك الله إليه أطلب ان يكشف لك وجه مسيحه. وان رأيت هذا الوجه لا تنسَ الآب. كل شيء يصبّ في الآب. لا تنسَ انه هو المنتهى وان مسيحه يحيا به إلى ان يخطفنا وجه الآب في منتهى الدهور.
يسوع هو الذي سكن فينا وأسكننا مع الآب. داخلية المخلص فينا شرط سيرنا معه إلى الآب. واذا رأينا وجهه تبدأ المسيرة.