أمس، فرش الوفاء جسدَ الحركة بالاخلاص لينصبه، بالمصلوب، علّيقة عبور ما بين الأرض والسماء. فاختلط تراصّ الأجساد بتراصّ التعب في الحبّ حتى اختنقت القاعات وتزلزلت، معها، الجدار الفاصلة ما بين الرحابة والضيق!
لم يعد مهمّاً ألفاً أم أكثر أو أقلّ، فالأعداد بطلت لأنّ العدّ استحال، والأهمُّ وُجد معهم هناك. وجُد المسيح في الكلّ وكلاًّ في الكلّ، ووجد الكلّ به، وُجد يسوع بالكبار في المُخلصين له وسطهم. في المطران جورج متصدّراً وفي المطران بولس والأب الياس وكوستي وألبير يميناً ويساراً. فتساءلت جبيل، ولم تُشفى من وجعها بعد، ألا زال حبّهم بهذا الزخم؟ ألا زال صوت “من قال دمه الحبّ” يجرح قلوبهم؟
في ثانوية راهبات القلبين الأقدسين – حبوب (جبيل)، أقيم الاحتفال الحاشد بعد ظهر السبت 15/3/2014 بدعوة من الأمانة العامة للحركة احياءً للذكرى الثانية والسبعين لتأسيسها.
تحلّق المشاركون حول راعي احتفالهم المؤسّس المطران جورج خضر وكبارهم، الذين منهم من رقدَ ومنهم من شاخ في المسيح. وشارك، إضافة الى الأمين العام والأمناء العامين السابقين ورؤساء المراكز الحركيّة، الارشمندريت يونان (الصوري) رئيس دير رقاد السيّدة – بكفتين، الذي خدمَ صلاة الغروب، وآباء من مختلف الأبرشيات ومديرة الثانوية الأخت مرلين سلامة وبعض أخواتها، وجمعٌ لا يُحصى من الأعضاء والمدعوّين.
بداية كانت صلاة الغروب وتريصاجيون لأجل راحة نفوس الأخوين كوستي بندلي والبير لحام والشهداء والراقدين من أعضاء الحركة. بعدها أقيم حفل خطابيّ قدّمت له الأخت ناسي نجار حيدر وتحدّث فيه الأخ رينه انطون والأخت رنا عرنوق متري والمطران جورج خضر.
تضمّنت كلمة التقديم حثّاً للحركيين على الثبات في المحبّة والتوبّة والوداعة والرجاء مشدّدةً على أن قضيتنا أن ننحني أمام الربّ ونقول له “ها أنذا يا ربّ”. وشخصت إلى قيادة البطريرك يوحنا العاشر للكرسي الأنطاكيّ بأمل ورجاء كبير مُضيئةً على الأسس التي وردت في رسالة غبطته الرعائية.
أما كلمة الأمين العام فتصدّرتها لفتة تقدير ووفاء الى المطران جورج خضر “الذي بُني عوده على عود من تلك الخشبة” والاخ كوستي بندلي “الكاهن الذي زيّح الانجيل في زوايا حياتنا”. وتضمّنت تذكير الحركيين بأسس الانتماء الى الحركة، وصارحت الرعاة وأضاءت على مركزية تحلّيهم، والأبناء، معاً بالفضائل، وناشدت الكلّ الشركة، وحثّت على الشهادة في أصعب الأزمنة حيث الكنيسة مدعوّة الى اسماع العالم صوت الله وارادته، ووجّهت، في هذا السياق، تحية تضامن مع المطرانين بولس يازجي ويوحنا ابراهيم، وشوق وافتقاد الى الأخوة في سوريا. وتطرّقت الكلمة، بصراحة الأبناء، الى القضيّة التي ضجّت بها الكنيسة في السنة الأخيرة والمسؤولية إزاء تداعياتها، منتهيّةً الى زرع هذه الهموم في صدر صاحب الغبطة “الواحة التي لا تُثمر غير العشق ليسوع وبهاء كنيسته”.
أتت كلمة الأخت رانا عرنوق متري قلبية بامتياز حاملة التأثّر بالحركة والمعاناة السورية وطالبةً التأثير في هذه الأخيرة، “بحبّ يشهد فيها لسيّد الحبّ”، منبّهةً الى أن هذه المعاناة هي أصعب ما تتعرّض له الكنيسة، والحركة، اليوم. فالشباب الملتزم ينزف وينزح. وختمت أن تأسيس الحركة مستمرّ دون نهاية و “أنطاكية تتجدّد” كتاب مفتوح ليكتب كلّ منّا فيه فصلاً جديداً.
أما كلمة المؤسس فكانت دعوة نافرةٌ الى الحريّة في الكتاب والروح. فأعلنَ اليومَ “موسمَ حبّ لأن في الحركة لا يوجد غير الحبّ”. وإذ شدّد على أن الكنيسة، رغم أنها الهية، هي من بشر ذكّر و ذكّر أنّ كل ما هو خارج الحبّ ليسوع المسيح لا قيمة له لأننا به نحيا ونتحرك ونوجد “أننا من الكتاب والروح نأتي” ومن جرن المعموديّة نلنا التكليف.
وقد تضمّن الاحتفال عرضاً لبرنامج online application الذي أعلنت الأمانة العامة اطلاقه، تدريجياً، ابتداء من اليوم. حيث يمكن لمن يشاء الآن أن يُدرج هذا البرنامج على هاتفه الخلوي عبر Android، وسيُستكمل ادراجه ضمن Appstore، ومضامينه بكاملها على كلّ الأنظمة، خلال أيّام قليلة.
ملآحظة: يعرض تلفزيون تيلي لوميار السادسة مساء اليوم الاحتفال بكامله. كما تُنشر الكلمات تباعاً بدءاً من مساء غدّ على الموقع الالكترونيّ للحركة ومواقع التواصل الاجتماعي.
وكلّ عام وأنتم خير