حركة الشبيبة الأرثوذكسية
الأمانة العامة
جبيل – 15 آذار 2014
العيد ال 72
تقديم اللقاء الخطابي
الكلمة الافتتاحية -1- العنوان أنا للمسيح
صاحب السيادة المتروبوليت جورج
الآباءُ الآجلاء
الأخُ الأمينُ العامّ
الأمناءُ العامّون السابقون
… الجمعيات …ومجالس الرعايا
مديرة مدرسة القلبين الأقدسين
الاخوةُ رؤساءُ المراكز الحركيّة
الإخوةُ الأحبّاء،
أيّها الحفلُ الكريم
أنا للمسيح …
سألتُ ربّي، في هذه الأمسيّة، أن ينطقَ القلبُ اليومَ لا اللسان، لكنَّ القلبَ مريضٌ وقد شارف ان يُحتَضر، تُعوِزُه المحبةُ ويحتاج أن يُغسَلَ بدموع التوبة.
أنا للمسيح…
سألتُ ربي أن أنطقَ المحبّة، كي لا أكونَ صُنجاً يطنّ
سألتُ ربي ان أنقلَ الكلمةَ، كي لا تكونَ كلماتي من معجم هذا الدهر فتصرف وتحرّك كما تشاء رغباتنا وشهواتنا
سألته ان يمسح الدمع من عيون المظلومين، وان يسكب لطفه في قلوب – لا الظالمين – بل الحاكمين.
سألته ان يمنح اشفاقه لقلوب الظالمين كي تَمتلىءَ من رحماته فيعود إلينا كلُّ الاحبة وفي مُقدِمَتهم المطرانان بولس ويوحنّا.!
سألتك ربي ان نشهد للحق الذي بك وحدك عرفناه، ومنك وحدك نزل علينا، ومن خلالك التصقنا به.
وإن قلنا اليوم “إنّنا للمسيح” فيطيب لنا أن نرى كنيسة المسيح متألقة، كنيسته الأنطاكية تتجلى, إن اجتمعنا رعاة ورعيّة كيف لا؟ وقد شاءت النعمة الإلهيّة أن يجلسَ على كُرسِيّ كنيسة أنطاكية العظمى، البطريرك يوحنا العاشر، وهو الآتي من الكتاب المفتوح دوماً فوق رأسه، وهو جاء – كما قال – وقلبه يلامس قلوبنا.
صاحب الغبطة، دعا في خطاب التنصيب، متوجّهاً طبعاً إلى كلّ مَن يحملُ في قلبه همًّا كنسيًّا ونهضوياً، إلى أن نتكاتف ونتعاون لإظهار العظمة وعيشها. مشدّداً على أنّ ذلك لا يتمّ ويتجلّى إلاّ من خلال إصغائنا معاً – أي كجماعة – ليسوع.
أنا للمسيح…
لأنّ المحبة تأتي – تُولَد، أوّلاً وقبل كلّ شيء، من القلب؛ “يا بنيّ أعطني قلبك”.
لنبذل ذواتِنَا فيُزهرَ الحبّ!
فلا حياة لمن لا يحبّ، ولا استمرارية لمن لا يعرف أن يموت ويدفن فينبت سنبلة في كرمة الرب تتمايل في الحقول تلهج باسمه ليلاً ونهاراً، فيمتلىء البيدر وحين يستحق الحصاد، يفرح السيّد ويدعونا أن نتنعّم؛
نتنعم بالفردوس. هذا الفردوس إن لم نعشه اليوم، لن يكون لنا عندما نسمعُ الصوت: “اذهبوا عنّي لا أعرِفُكُم”.
قضيتنا أن ننحني أمام الربّ ونقول له “هاءنذا يا ربّ”!
إن كنّا للمسيح:
فَلنَعِ أن سرّ الاعتراف كنزٌ لا بدّ منه لنَقتُلَ الكراهية والكبرياء من قلوبنا فتحلّ علينا نعمة الله
حرام علينا أن نهمل هذا السرّ … لكنّنا باطلاً نعمل ونعلّم إن لم تكن حياتنا مشروع توبة!
أنا للمسيح، هي دعوةٌ اليوم،
هي اشتهاءُ المسيحيّ الحقيقيّ أن يكون سلامٌ ولقاءُ محبّة وحوارٌ بين الإخوة!
أنا للمسيح، هي أن نشهدَ في وسط الحركة للربّ يسوعَ وحدَه.
وإن كنتُ أنا للمسيح، وإن كنّا نحن للمسيح، فلنستَعِدِ الحركة التي تفتّش عن المسيح!
الدعوة للتفتيش عن الحق: “أنا هو الطريق والحق والحياة”.
لكنّنا، يا أحبة، قد نجنح عن طلب الحقّ، مدّعين توزيعه! لكنّ الجبّار الشامخ، الذي يستطيع أن يوزّع الحقّ، أن يَنقلَ الربَّ يسوعَ إلى الآخرين، هو مَن يُملّكُ الربّ على قلبه، هو مَن سمع الربّ يطرق على باب قلبه: أي مَن استطاع أن يصير المطران بولس – وأبونا الياس – وميشال خوري – وألبير وكوستي. هذه الصيرورةُ هي استقامة الرأي، هي شهادة ليسوعَ وهؤلاءِ هم الشهود.
أخي الأمينَ العام! يعلّمنا الكتاب أن مَن يُعطي يُطلبُ منه أكثر ومن ثَم أكثر.
أنتَ تخدم هذه الكنيسةَ من دون كَلَلْ، لكنّ الأيام صعبةٌ والجميعُ أمام امتحان، وما لا شكّ فيه أن الخدمة ستستمرّ بحسب انجيل الربّ يسوع المسيح، هو الذي يَهبَك كلَّ قوة وبركة ويَزيدك قدرةً على خدمتِه، خدمتِه وحدَه.
– كلمة الامين العام، الأخ رينيه أنطون _
التعريف الثاني – 2 – صار عمري 72
صار عمري 72، وما زلتُ أقرأ أنّ:
“ثمر الروح هو: محبة، فرح، سلام، طول أناة، لطف، صلاح، إيمان، وداعة، عفاف. ضد أمثال هذه، ليس ناموس.” (غلا 5: 23:22)
صار عمري 72
وما زالت الطوبى لصانعي السلام لأنّهم أبناء الله يدعون.
صار عمري 72،
والربّ يقول في إنجيل يوحنا: “كما أنك أيها الآب فيّ وأنا فيك، فليكونوا واحداً كما نحن واحد”( يو 17 : 21الى23).
صار عمري 72
والقدّيس مكسيموس المعترف يعلن أنّ سرّ المحبّة يجعل من البشر آلهة” (الرسالة الثانية).
صار عمري 72
وما زلتُ أقرأ “لهذا ولدت ولهذا أتيت لكي أشهد للحقّ” و”من يحبّني يحفظ وصاياي”…
صار عمري 72
وما زالت التربية هي الأساس
صار عمري 72
ويجب علينا أن نحمل بعضنا أثقال بعض وهكذا نتمم ناموس المسيح! (رومية)
ويا أحبّة،
وسائل التواصل تتقدّم والمرء يتّجه نحو اللاتواصل؛
كلّما أُتيحت لنا وسائل جديدة (وهي تغزونا) كلّما عَلَت الأنا.
الأنا في فرادتها مميّزة لكنّها من دون الآخر لا تستطيع أن تحبّ.
والأنا من دون محبّة مصيرها مظلم.
أنا وأنتِ / أنا وأنتَ، نحن أُعطينا حريّة تعانق الأزل،
لكنّنا نحن من ندنّس هذه الحريّة ونفسدها.
صار عمري 72،
ونحن نشهد لحقبة باتت الحريّة فيها ملتوية:
فبإسم الحريّة نشتم ونهين
وبإسم الحريّة ننشر ونكتب
وبإسم الحريّة نصنّف وندين
وبإسم الحريّة ندوس المحبّة
فيا لِتعاستك أيتها الحريّة! فلا حريّة بهكذا سلوك بل استعباد!
يقول صاحب المزامير “اجعل يا رب حارسا لفمي وباباً حصينا على شفتي
ويتابع “لا تمل قلبي إلى كلام الشرّ”.
فلنَمحُ الكراهية من قلوبنا.
لذا نحن لن نيأس، لأنه بالصليب قد أتى الفرح لكلّ العالم.
لا يأتي الفرح من انتصار بشري مهما كان تنظيمه الاجتماعي والتشريعي
لا يأتي الفرح من قوة تجمع اخوة ضد اخوة
لا يأتي الفرح من انتصار من حمل السلاح على اخيه الانسان
لا يأتي الفرح من مستوى عيش كريم او غيره
لا يأتي الفرح لان هذا او ذاك من البشر استقوى
لن يأتي الفرح الا اذا ادركنا معنى الصليب، حينها نرتقي كمن يرتقي بمظلّة ناريّة ليعانق السماء
سنفرح فقط عندما نعشق، سنفرح فقط عندما نصبح المحبة
سنفرح عندما نُبذل عشقا بكل مَن رُفعت خطاياه على الصليب، بكل من مات المسيح لاجله
نحن لبسنا المسيح يوم خرجنا من رحم الكنيسة
فَليَنتَفِض الآن أحدكم ويقل لي، لماذا خلعنا هذا اللباس الملوكي؟!
ظنّي، أنّنا جميعًا نسعى إلى أن نكون ملوكًا لَو أُعطيَ لنا!
أفنسينا، أننا ملوك بالنعمة؟
أما بعد،
في الكنيسة لا ذكرٌ ولا أنثى لأنّنا جميعاً واحدٌ في المسيح يسوع…”(غلاطية 3: 28 – 29).
قال صاحب الغبطة: “لا بُدَّ من فتح ورشة تفكير … لتشجيع انخراط النساء في العمل البشاريّ والخدماتي واستشارتهن بكلّ ما يخصّ أمور البيعة”
في حياتنا، وعلى امتداد ال 72، يمكننا أن نشهد للمرأة بالدور البنّاء والأساسيّ الذي قامت به، فهي صاحبة مواهب وقُدرات وحاملةٌ رسالةً متفانية؛ … هي حاملة الطيب!!!
“في آفاق الأصالة والوحدة والمرأة في النهضة” تحدثنا الأخت رنا عرنوق متري
التعريف الثالث – 3- نُدعى المحبّة
مَن قال أن الحبّ فينا ومضة ثم ينطفئ، الحبّ فينا حكايةٌ والحكاية أزلية.
مَن قال أن الحبّ فينا همسة ثم تذوب، الحبّ فينا كلمةٌ وكتابٌ وامتدادٌ لإفخارستيا.
الحبّ فينا وهجُ قيامةٍ تستمرّ على صليب، فَرُبَّ قائلٍ: ومَن يا قوم مثلنا!!!
لكنّ في الحبّ ارتقاء إلى الصليب، وعلى الصليب مسامير وحربة ومرٌّ .
وفي الارتقاء اكليلُ شوك، وفي الحبّ امتدادٌ نحو الآخر.
وفي الامتداد نكرانٌ للذات حتى التخلي والانسحاق:
في الحبّ توبةٌ خَشُوع!
وفيه عرسٌ مع المعشوق.
فتعالَ أيها الختن الحاملُ ضعفاتِنا والعارف قدراتنا،
تعال وعرّفنا بأسيادنا، أسيادِنا الذين لا يملكون قصوراً ولا ثياباً فاخرة بل يملكون القلب النقيّ المتخشّع المتواضع.
تعال أيها الديّان العادل واهمُس في قلوبنا أنّنا إن لم نتحوّل مشروع محبّة
إن لم نكن مبدعين في خدمة المحتاجين فمبدع الكلّ لن يتعرَّفنا؟!؟!
ففي أكثر الأحيان علينا أن نخجل من عقرنا في العطاء ونحطّم أبراجنا العاجية.!
سيدي هذه المرة الثانية التي اقدّمك فيها، ففي الثانوية الوطنية، قلتُ لكَ يوماً … إنّها تعزية أن يرى الإنسان بني بنيه كالغروس حول مائدته، لأنه هكذا يبارك الرجل الذي يتّقي الربّ” ونحن لا نسأل الربّ لك إلا هكذا نوعاً من التعزية. واليومَ مجددا أحفادك الأنطاكيّون يتحلّقون حول كلمة الربّ التي ستنقلها إليهم.
يطيب لي، إذ أقدّمك في هذه الأمسية، أن أستعير أبياتاً شعرية لأخينا المنتقل أليف خوري وقالها فيك يا صاحب السيادة:
نادِ القطيعَ إلى المراعي وانهد إلى نَضِرِ البقاعِ
وافتح عيوناً غُشّيَتْ فالنّور يَشقَى بالقناعِ
تِبراً ألا اسكُبْ للورى واهنأ، فذا خيرُ المَتاع
…
أَكرِمهُ، ربّي بالرّضى عِطراً يَطيبُ لكلّ ساعِ
فالرّوحُ شاخصةٌ إلى أبهى الرُّبَى، نُضرِ البقاعِ
واقبَل دُعانا وانعَطِف يا غافراً أشَرَ الضَّياعِ
– كلمة المطران جورج –
الختام
نشكر إدارة مدرسة القلبين الأقدسين على استضافتها أمسيتَنا، نشكر التيليلوميار التي تبذل جهداً مميزا ومتواصلاً
كما نشكر الوكالة الوطنية للإعلام.
إن أردتَ لقاء فاجعله لقاء أحبة ولقاءُ الأحبّة هو لقاء القلوب … ما أجمله وما أروعه فالمحبّة لا تسقط أبداً، ولن تسقط لأن الربّ في داخل القلوب يقطن: واللسان – عهداً – من اليوم لن ينطق إلا باسم الربّ القاطن في القلوب، لأنه من فضلة القلب ينطق اللسان.
الجميع مدعو للمشاركة بمائدة المحبّة