قد تسمع جزءاً من حوارٍ بين شخصين مفاده التالي:
– “ماذا تفعل في حياتك غير العمل؟”
– “اعمل في حركة الشبيبة الارثوذكسية”
– ” جيد، بتتسلّوا وبتضيعوا شويت وقت…”
ليس الاتي لوماً او استخفافاً بالسائل ولكنه تعبير قلبيّ اردت التعبير عنه وخاصة في اجواء هذا العيد ال-٧٢ المبارك.
لم يبقَ العضو الحركي في الحركة ليضيّع الوقت او يتسلّى. لا، بالعكس، لقد بقي هذا العضو ناشطاً في الحركة لأنّه: “قبض مشروع الله الخلاصي بيسوع المسيح جدّ” وصار كالذي وَجد كنزاً في حقل، فباع كل شيئ ليشتري الحقل، واحبَّ يسوع المسيح واراد ان يُمَلّكه على حياته كلّها.
لا يتّكل العضو الحركي على حسابات الربح والخسارة ليُؤخَذ بهذا المشروع، بل انه في ومضة من ومضات حياته ذاق حبّاً غمره، لمس قلبه حجريّاً واحاله لحميّا، ازال قشوراً حجبت عنه روعة الكون وأحسَّ انسكاب روحٍ غسل عنه قذارة عالمٍ مادّي.
لا يستطيع الحركي تبرير التزامه الباذِل بالحركة كما ان العاشق لا يستطيع تبرير عشقه لأميرته…
لا يحس الحركي نفسه وحيداً، فإذا جلس وحيداً في مكان ما، يعي في اعماقه ان الرب جالس معه. واذا اختلى بشخص آخر يعي حضور المسيح معهما…
سمع الحركي قرع يسوع المسيح على باب قلبه. فتملّكه ذلك الشعور العجيب الذي يسري في عروق عاشق ينتظر لقاء حبيبته في موعدهما الأول.
لا يستهلك الحركيّ هذا الشعور ليغذّي به لذّته الشخصية لأنه يدرك انه لا يوقَد سراج ويوضع تحت المكيال لأنه سينطفئ بل يَفرح ببث هذا النور للجميع.
صلاة الحركي القلبية الدائمة ليست “اوتوماتيكية” بل نابعة منه عن سابق تصوُّر وتصميم، تخرج من كيانه كلمات صادقة يتواصل فيها مع ربّه.
يدرك الحركي انه لا يحيَ فقط بأكل وشرب بل يعرف اشد المعرفة ان غذائه الاساسي هو على مائدة الرب الملأة، فيحصِّـل كلماته ويأكله، شاكراً، حملاً مذبوحاً .
لا، ليس وجود الحركيّ في الحركة تمضية للوقت، انه موجود هناك لانه مشتاق ابداً الي وجه ربّه البهيّ. يراه متجلّياً هنا وهناك في وجه راعي كنيسته في وجه مرشدٍ بذل حياته من اجل اعضاء فرقته، في وجه تائه لا يجرؤ ان يدينه، في وجه محتاج…
سمعت صلاة حركيٍّ مرة يقول فيها:
يا رب يا رب، اطلع من السماء وانظر وتعهّد هذه الكرمة ، لـملم اغصانها واغرس هذه الاغصان من جديد في جزعها، فيعود للاغصان بهاءها ولونها ووظيفتها، تزهر، تثمر وتزيد.
.فأنت هو كرمة الحياة الحقيقية و نحن بك نحيا ونتحرّك ونوجد.