الله بعدما كلّم الآباء بالأنبياء قديماً بأنواع وطرق كثيرة كلّمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه..” (عبرانيين 1 : 1 – 2)
وكلام الابن نعرفه بالروح القدس، الذي يعطينا فهم تقليد الكنيسة المكتوب (الكتاب المقدس)، والشفهي ( شهادة حياة الكنيسة)
… نورد فيما يلي أسبوعياً قبساتٍ من تجليات الرب في رعاياه الدمشقية (في أبرشية دمشق)، تعكسها لنا شهاداتٌ وعظاتٌ لآبائنا خدام الكلمة، الكارزين بالقائم من الموت لأجل خلاص العالم
عظة هذا الأسبوع لقدس الأسقف أفرام معلولي
في قيامةِ الرّبِّ المقدّسةِ المنيرة
من وحي القدّيسِ غريغوريوسَ النّيصصي
لنمدحِ اليومَ الإلهَ، الابنَ الوحيد، خالقَ السّموات والأرض، قيامةَ المنتصر، فرحَ العالم، حياةَ الجميع، كلمةَ اللهِ، الّذي حملَ خطيئةَ العالمِ وبدّدَ الظّلامَ من المسكونةِ جمعاء مبرهناً أنّ حكمةَ هذا العالمِ ليسَتْ إلا جهالة.
هو الذي أبدل الزّلةَ القديمةَ بالقيامةِ الجديدة، وأبطلَ موتَ حوّاءَ بالولادةِ من العذراءِ، وتمّمَ نبوءاتِ الأنبياءِ ببشارةِ الرّسل. هو مَنْ بعظمتِهِ الإلهيّةِ حوّلَ الفاسدَ إلى عديمِ الفسادِ. لأنه ردَّ عن اللّطمِ بالمسامحةِ. حوكم وهو قاضي البرية. أُدينَ وهو ديان العالمِ. اتّضع كعبدٍ وهو سيّدُ الأنام. احتقره المخلوقُ فصبر وهو الخالقُ. وقفَ عجلاً هادئاً لمّا أخذَتِ الثّيرانُ تضربه بقرونِها. مَثَلَ كحملٍ وديع بين ذئاب خاطفة.
يا للعجب الغريب! لمّا دُعِيَ اللّصُّ للحياة، اقتيدَ حياةُ العالمِ إلى الموت. ولمّا كانَ أولئك يصرخون تلك العبارةَ الهمجيّةَ المدمِّرة: “ارفعْهُ… ارفعْهُ… اصلبْهُ”، تفوه هو قائلاً: “إغفر لهم يا أبتِ لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون”. ولمّا جلدوا وعذّبوا جسدَهُ المقدَّسَ، شفى هو جراحَ آثامِنا القديمة. ولمّا ألبسوه إكليلَ الشّوكِ، كلَّل هو كلَّ مَنْ يؤمِنُ به.
استهزأ الجندُ بِمَنْ هو سيّدُ الجنودِ السّماويّة. أعطَوا ذاك الّذي أمطرَ لهم المنَّ خلاً لشرب. لذلك انشقَّ حجابُ الهيكلِ وتصدَّعَتِ الصّخورُ مندهشةً من وقاحةِ فاعلي الشّرِّ. كذلك حزنَتِ الشّمسُ مرتديةً الظّلامَ حلّةً، وباكيةً لخزيِ اليهودِ.
انتبهْ إذاً ياعزيزي لعجائبِ اللهِ ولعظائمِهِ بعد الآلامِ: فالمزدرَى به صارَ ممجَّداً وفرحُ العالمِ قامَ بجسدِهِ غالباً الموت، الذي لفظ من داخلِهِ حياةَ الكلِّ، إذ لم يكنْ من المعقولِ أن يبقى حبيسَ الموتِ ذاك الّذي بكلمتِهِ يسودُ على الجميعِ.
لنعيّدَ يا إخوةُ للقيامةِ الثّلاثيّةِ الأيّامِ، التي ما إن عاينها قديماً النّبيُّ داوودُ، حتى صرخَ قائلاً: “الرّبُّ قد ملكَ والجلالَ لبسَ”. ولهذا نحن نصرخُ الآن بصوتٍ عظيمٍ: “أين شوكتُكَ يا موتُ؟ أين غلبتُكِ يا هاويةُ؟”، “الرّبُّ قد ملكَ فلتهلّلِ الأرضُ ولتفرحِ أقاصي المسكونة”، لأنّ له وحده المجدَ والقوةَ إلى أبدِ الدّهور.
آمين
الأسقف أفرام (معلولي) – الوكيل البطريركي
دمشق 11/04/2014