الله بعدما كلّم الآباء بالأنبياء قديماً بأنواع وطرق كثيرة كلّمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه..” (عبرانيين 1 : 1 – 2)
وكلام الابن نعرفه بالروح القدس، الذي يعطينا فهم تقليد الكنيسة المكتوب (الكتاب المقدس)، والشفهي ( شهادة حياة الكنيسة)
… نورد فيما يلي أسبوعياً قبساتٍ من تجليات الرب في رعاياه الدمشقية (في أبرشية دمشق)، تعكسها لنا شهاداتٌ وعظاتٌ لآبائنا خدام الكلمة، الكارزين بالقائم من الموت لأجل خلاص العالم
عظة هذا الأسبوع لقدس الأب جورج مقدسي
أحد حاملات الطيب اليوم يا أحباء، هو الأحد الثاني بعد الفصح. وفيه نعيد للقديس يوسف الرامي ولحاملات الطيب. أما القديس يوسف الذي من الرامة، فكان عضواً في مجلس اليهود الذي حكم على يسوع بالموت. لكنه تميز عن بقية الأعضاء بإيمانه بالمسيح يسوع،
لذلك، لم يخف من إعلان إيمانه به. يوسف، هذا، كان ميسور الحال، لذلك استطاع أن يحفر مغارة في الصخر، ويعدها لتكون مثواه الأخير. كان محباً لله ومؤمناً بابنه، تعالى. فلم يرهب اليهود ولا خاف من الحبرين الأعظمين الذين حكما على يسوع بالموت. لذلك طلب بجرأة إنزال جسد المسيح عن الصليب. ولما حصل عليه، وضعه في المغارة التي سبق وأعدها لنفسه. ما أحوجنا، نحن اليوم يا أحباء، إلى هذه الجرأة لنطلب الحياة. ومن هو الحياة يا ترى؟ إنه المسيح يسوع. فهو الطريق والحق والحياة. ما أحوجنا لأن نتناول جسده الحي بخوف الله وإيمان ومحبة، لتكون لنا الحياة الأبدية.
أما حاملات الطيب، فهنَّ نساءٌ تبعن يسوع على طريق الجلجلة. وبقين معه عند الصليب في ساعة نزاعه. وبعد موته، اهتممن بدهن جسده بالطيب ودفنه، حسب عادات تلك الأزمنة. والدهن بالطيب (العطور) عادة قديمة، مارسها اليهود، حتى يشتم الذين يزورون أمواتهم رائحةً عطرة، بدل رائحة القبور العفنة. وما أحوجنا اليوم لمسيحيات تقيات يشاركن ببطولة في إعطاء جسد المسيح السري ـ أقصد الكنيسة ـ الرائحة الطيبة الذكية التي ينتظرها منهن.
ما أحوجنا اليوم لمسيحيين يفوح منهم عطر القداسة، وبخور الفضائل، حتى نطيب ذكر المسيح وكنيستَه في العالم، من خلال أعمالنا الصالحة، وتقوانا، ومحبتنا لبعضنا البعض. فهلمَّ بنا، يا أخوة، لنندم على شرورنا، ونقدم خطايانا ليسوع، وهو سيقبلها منا بفرح، كما قبل عطر حاملات الطيب. هلمَّ لنقدم ليسوع، بدل القبر الفارغ، القلب الفارغ من كل شهوة. إذ ذاك نحيا مجد قيامته، ونتمتع بفرحة لقائه. فلنكمل العيد، يا أحباء، بخلعنا الإنسان العتيق ولبسنا الإنسان الجديد، إنسان الفضيلة. ولنتشبه بحاملات الطيب ويوسف الرامي ولنعلن إيماننا. ولنحيا بهذا الإيمان. لأن الكتاب يقول: “البار بالإيمان يحيا”. وإيماننا هو أن المسيح قام لنقوم لحياة أفضل. له المجد إلى الأبد، أمين.
اذكروني في صلواتكم
الأب جورج مقدسي