آية شفاء المخلّع

mjoa Wednesday May 7, 2014 110

إلى “بيت حسدا”، التي معناها بيت الرحمة، حضر الرّب يسوع المسيح حين صعد إلى أورشليم. ولمح عند البركة مخلّعًا ينتظر تحريك الماء، علامةَ رحمةٍ يُرسلها الله لمنح الأشفية. لطالما انتظر المخلّع في الأعوام الثماني والثلاثين المنصرمة دون أن ينجح في تلقٌّفِ رحمة الله. حين سأله الربّ يسوع:  “أتريد أن تشفى؟”، انصَبَّ فكرُ المخلّع على بركة بيت الرحمة، فشكى حاله قائلاً: ما مِن إنسان يساعدني لكي أدرك رحمة الله النازلة على ماء البركة. كان المخلّع يتحلّى بالصبر وترقّب خلاص الله، مُصَلِّيًا إلى الله لكي يمنّ عليه بإنسان يساعده على بلوغ رحمته في الأحايين التي يغدقها بسخاء على “بيت الرحمة”.


 
“ليس لديّ إنسان”، هذه كانت مشكلته… لكن، هوذا “إله الرحمة” الذي صار إنسانًا قد انحنى وأصغى إلى المخلّع الذي لم يجد إنسانًا يُعينُه حتى يبلغ رحمة الإله. عند بركة “بيت الرحمة” التقى الفقيرُ إلى رحمة الله بالله الرحيم ذاتِهِ وَجْهًا لِوَجْه… ففاضت عليه ينابيع الرحمة الدفّاقة. والذي خلق السموات بكلمةٍ (مز 32: 6) شفى المخلّع وأنهضه بكلمةٍ فقط. استجاب الربّ طبيبُ النفوس والأجساد إلى صلاة المخلّع، وافتقد ضعفه وصبره.
 
مهلاً، أين الغرابة، أيّها اليهود، في أن يشفي الخالق مخلّعًا يوم السبت؟ هل استقال الله مِن مَهامِّه؟!
 
جاء جواب الربّ يسوع مقتضبًا، ولكن كالعادة حكيمًا: “أبي لا يزال يعمل إلى الآن، وأنا أعمل” (الآية يو 5: 17). العِزَّةُ الإلهيّة قادرةٌ على إزالةِ كُلِّ العَقَبات، ولا يقفُ في وجهِها المرض، ولا الحرب، ولا الخلافات الزوجيّة، ولا الآلام النّفسيّة ولا أيُّ شيءٍ آخَر.
 
أيُّ بشريّ يفضّل أن يتوقّف نشاط الله الخلاّق المعطي الحياة؟ لَعَمْرِي، إنّه في التعصّب البشريّ الأعمى المدمّر إقصاءٌ لِعَمَلِ الله يقتربُ من الإجرام المـُدان.
 
ليس الربّ يسوع طبيبًا للأجساد وحسب، بل هو طبيب النفوس في المقام الأوّل. فكما حضر الإله-الإنسان الرحوم إلى البركة، هكذا أيضًا وجد المخلّعَ مجدّدًا في الهيكل، وأوصاه ألاّ يخالف مشيئة الله معطي الحياة: “هوذا قد أصبحت معافىً، فلا تخطئ بعد الآن، لئلاً يصيبك ما هو أكثر شرًّا”. يؤكّد الكتاب المقدّس في عهدَيه على أنّ سبب الشرور والقلق والأمراض يكمن في مخالفة مشيئة الله المقدّسة.
 
يشملنا ربُّنا وإلهُنا بحنانه، ويشفينا ويحمينا، لكي يقودَنا إلى بِرِّهِ وقداستِه. كلّ المعجزات التي فعلها الربّ يسوع كانت لكي يمجّد الإنسانُ اللهَ في فمه وفي قلبه على حدّ سواء. أتى الرحوم إلينا، نحن المحتاجين إلى رحمته، لكي يرفعنا إليه… إلى قداسته.

 

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share