الترتيل الكنسي الموسيقى

mjoa Saturday May 31, 2014 91

المطران أفرام (كرياكوس) متروبوليت طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الأرثوذكس 

الترتيل الصحيح في الكنيسة يُحيي الكلمة، وهو أفضل وسيلة لإيصال البشارة إلى المؤمنين. فكيف نجعله صحيحاً في كنيستنا الأرثوذكسيّة؟ الاشتراك في الخدمة الليتورجيّة يكون عادةً عن طريق السماع akououi. طبعاً رسم إشارة الصليب، السجود، الإيقونات، البخور… كلّها تساعد. الخدمة تحاكي القلب أكثر من العقل. وأيضًا إن كان أحدٌ يستطيع مشاركة الجوق فهذا يساعد كذلك. السؤال يُطرح: لماذا لا تُستخدم في الكنيسة الآلاتُ الموسيقيّة؟

sayedna ifram

 الامتناع عن هذه الأخيرة كان في الكنيسة جمعاء حتّى القرن التاسع. ذلك حتى لا تطغى النغمة الموسيقيّة على الكلام. الآلات في القسطنطينيّة قديماً كانت مخصّصةً للحفلات خارج الخدمة الليتورجيّة في الكنيسة. الأُرغن orgue دخل الغرب في القرن التاسع من القسطنطينيّة إلى  Charlemagne ومنه إلى الكنائس الغربيّة، بقيت الأديار هناك تستخدم الصوت الواحد monophonie فترةً طويلة. دخلت التراتيل ذات الأصوات المتعدّدة في بعض الكنائس الأرثوذكسيّة تحت تأثيرٍ غربيّ عن طريق روسيا في القرنين التاسع عشر والعشرين. التجديد الروحيّ في كنيستنا كان دوماً حاصلاً في العالم كلّه بالعودة إلى الترتيل التقليديّ ذي الصوت الواحد monophonie لنفهم لماذا؟ مع الأصوات المتعدّدة polyphonie لا يعود الكلام مع مضمونه واضحاً، تطغى النغمات الموسيقيّة فنتوجّه إلى الحسّ الشعوريّ أكثر منه إلى القلب. يقول البعض إنّ الخِدَمَ الليتورجيّة القصيرة والأنغام المتعدّدة الصوت تشدّ المؤمنين وبخاصّةٍ الشباب أكثر من غيرها. هذا وهمٌ عصريٌّ وغربيّ. لقد ذاقت روسيا مثل هذه الخبرة كما اليوم تذوقها كنيستنا في أميركا،

وقد بدّلت وجهة نظرها في كثير من الأماكن، وعادت إلى تقليدها القويم. الرسائل، مع الصلاة الطويلة الدائمة “صلّوا بلا انقطاع، اشكروا الله في كلّ شيء لأنّ هذه هي مشيئة الله في المسيح يسوع من جهتكم” (1 تسالونيكي 5: 17). هناك طبعاً السَّحَريّة الطويلة (خصوصاً في السهرانيّات)، لكن القدّاس الاعتياديّ لا يتخطّى الساعة، والشعب يأخذ عادةً حرّيّتَه في الدخول والخروج، وهذا أمرٌ طبيعي. المهمّ أن نتجنّب الأمور الشكليّة في الطقوس لا عن طريق تقصير الخدم، بل عن طريق المواظبة والانتباه في الصلاة القلبيّة.
 
نعم أيّها الأحبّاء، الأرثوذكسيّة قابلة للتطوّر عبر القرون، لكن لا على حساب الجوهر الروحيّ وتقطيع الأوصالِ الّتي تربطها بالتقليد القويم. التغيير في الليتورجيا لا بدّ أن يكسب موافقة الكنيسة الجامعة. الصلوات الآبائيّة القديمة يبقى لها الأولويّة على الصلوات العفويّة، مع فائدة هذه الأخيرة في بعض الأحيان.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share