النبي – المطران جورج (خضر)

mjoa Tuesday July 15, 2014 157

النبي
ما النبي إذا تنبأ؟ في حال التنبؤ كيف يكون؟ يكون انسانا في سلطة الله فقط، لا يسمع الى أحد آخر، ولا الهوى ينطق فيه، فكأنه إذا تكلّم الله يتكلّم لأنه أداة الله وإطلالة الله على العالمين.
“كلام الله كان على لسان ايليا” كما قال الكتاب، فحبس المطر وأُمرت السماء بألا تُمطر. وكان كلام الله على فمه فأمر السماء بأن تُمطر ففعلت. وكان كلام الله على فمه في صرفند لما كان يزور الأرملة فنفخ كلمة الله في الميت فقام الميت.
 توحّد ايليا مع الكلمة فاصطدم مع أكابر القوم ومع أصاغرهم. اصطدم مع كل أعداء الله، فما كان منه الا ان ذبح كل كهنة البعل وكهنة عشتروت، ليس لأن الله يريد الذبح -وقد وبّخه على ذلك كما سوف نرى- ولكن معنى الكلام أن لا مكان للآلهة الكاذبة اذا ظهر الإله الصحيح. لا مكان لعبادة القوة ولعبادة الجسد اذا أطل الإله الصحيح. ولكن يجب ان تكون هناك غيرة نارية حتى تباد الآلهة الكاذبة والأفكار الكاذبة.

MT.K5

الملك ككل حاكم يقلق منه لأن الحكام قلما يكونون عادلين. هم رجال شهوة ورجال هوى ولهم أتباع. اما الأنبياء فليس فيه شهوة ولا هوى ولا لهم أتباع. ولذلك عندما جاء آخاب الملك وقال لإيليا: “انت مُقلق إسرائيل”، أجابه إيليا: “بل أنت وأبوك، انت وبيت أبيك مقلقان إسرائيل” لأن الذي ضلّ في الخطيئة يقلق الشعب. الخطيئة وحدها مزعجة للناس.
ولما أرادت إيزابيل الملكة الوثنية المغناج المترفة الآتية من فينيقية الزانية، لما أرادت ان تقمع النبي، وكانت تطارده، ظلمت الشعب كله: جرّدت رجلا فقيرا يُدعى نابوت من كَرْمه وبعثت بزوجها الملك ليسجّل الكرم باسمها. أعطت كل مظاهر الشرعية للجريمة فتصدّى لها النبي، وهل من ناصر للفقراء غير الأنبياء او أشباه الأنبياء؟
وطاردت الملكة نبيّنا الى الصحراء، دفعته عن البلد ليموت خنقا في رمال سيناء. أما هو فأكل مما أعطاه ملاك الرب “وسار بقوة تلك الأكلة أربعين يوما وأربعين ليلة” ووصل الى حوريب الى حيث ظهر الله لموسى اولا واختبأ في مغارة، ثم خرج ووقف على الجبل امام الرب. وكان زلزال ولم يكن الله في الزلزال، وكانت ريح عاصفة وما كان الله في الريح العاصفة. اي ان الله لا يظهر في القوة ولا في العنف، وكنت على خطأ يا إيليا لما ذبحتَ الكهنة. ما كنتَ على خطأ في غيرتك ولكن في تجسيدك الغيرة على هذا المنوال. نحن الإلهيين لا نَذبح، نحن نُذبح. وكانت ريح لطيفة فجثا إيليا على ركبتيه لأن الله كان في النسمة اللطيفة.
وبعد هذا لم يبقَ في الأرض موضع لإيليا فاختطفه الله اليه في عاصفة وجعل له مركبة نارية وخيلا ناريا ليس لأن الانسان قادر ان يجلس على نار او ان تقوده نار ولكن الله نفسه هو نار. أليس الله نورًا ونارًا في آن معا؟ أليس الله لهب القلوب وضوء القلوب؟ حمل الله إيليا على كتفيه وقاده الى السماء. حيّ إيليا بحبّه، بغيرته، “غيرة غرتُ لرب الجنود”. لماذا غار لرب السماء والأرض؟ لأنه هو القائل: “حيّ هو الرب الذي انا واقف أمامه”. حيّ الرب والناس أموات، والملوك أموات والظالمون أموات. الله وحده حي، ومن عرف ذلك ووقف أمام الله الحي لا يستطيع ان يعيش مع الأموات.
ويبقى الله والذين يحبونه، وهؤلاء خُطفت قلوبهم بالحب الى ذلك الجالس فوق، فوق أهل الشهوة والطغيان والعنف لأنه إله السماء، إله السلام، إله القلوب المُحبّة للسلام. من أجل ذلك نكرّم إيليا الذي كان مع الرب في جبل التجلّي، فتجلّى في الغيرة وبقي للناس والتاريخ هو بدوره لهبا ونورا.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)

نشرة رعيتي

20 تموز 2014

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share