أنا أعرف نفسي في التوق. أرجو ان يكون هذا إلى الله. كل اشتياق إلى غيره ليس مؤسّسًا.
هذا أرى على دفتري اني كتبته منذ أيام. كل نفس تائقة إلى ما فوقها أو ما إليها. هي مشدودة لتكون لأنها خلقت مشاركة. ليس مخلوق مغلق. لا أحد يكتب لنفسه، ليقرأ نفسه. صح ان تحرك نفسك علمت أو لم تعلم توق ظاهر إلى ناس ولكن بعد الناس تنتهي إلى الله لتسكن. أنت تسعى إلى ما يجعلك في سكون أبدي “كل شيء يجري” كما قال هيراقليط والا لما ساد الفكر.
الإنسان لا يمشي الا بحركة إلى ما هو إليه. اذ ينعتق من عتاقته. كل سعي إلى مخلوق منغلق فيه صدمة. بالعمق اذًا أنت ساع إلى غير المحدود وغير المغلق. بوضوح أكبر أقول أنت ساع إلى الله علمت أم لم تعلم لأن كل سعي محدود لا يرويك. أنت، انسانا تائقا إلى ملء الوجود، لا يوقفك شيء.
ولكن تبقى الأشياء أحيانا محجوبة عنك. بينك وبينها ستر خطاياك، مزقه ان أردت السعي. الخطيئة وحدها تحجب عينيك. في الحياة الروحية عيناك كل شيء. اذ ليس فيها أفق محدود. كل شيء مفتوح حتى النهاية. ونحن في الله نرى كل شيء. ذلك انه هو وحده الرؤية. الوجود أحيانًا قراءة وأحيانا حجاب. طوبى لذلك الذي يقدر ان يشاهد ربه مباشرة اي من خلال القلب. انه فيه كامل. وما كانت الكتب المقدسة بديلا عن القلب. تساعده على الإحساس مساعدة.
غير ان التوق لا يكفي ليكشف لك الرب. الرب يستعين بالتوق اي انه هو يعلن عن نفسه فيك بهذه الطاقة التي جعلها فيك وسميناها التوق. الرب فوق كل شوق ويساعدك على معرفته بالاشتياق. انت لا تخلق الله بامتدادك اليه. هو بنعمته يجعلك تشتاقه. صعوبة علاقتنا به اننا نحس احيانا اننا نحن نقوم بالعلاقة وهذا خطأ لاهوتي. هو يعمل فينا القداسة. انت لا تخطو خطوة اليه الا اذا رسمها. هو مبدئ كل علاقة به وخطيئتك لا تنهي العلاقة لأنه يحبك وانت في خطيئتك. واذا انت متّ فالمسيح رفيقك في التابوت لأنه حياة الموتى.
المسيح مبدئ حياتنا معه. انت لا تبدأ. انت تتقبل. كل دورك ان تقول له: “تعال ايها الرب يسوع”. المسيح مع كونه شريكا لك في الحب هو يبدأه.
اذا انضممت الى المسيح لا ينتهي التوق لأن المسيح لا ينتهي ولا يأتي يوم تعرفه كاملا فيك فإن شبعت منه ينتهي فيك. الينبوع يجري دائما.
ان أحسست انك دائما مشدود اليه تكون قد وصلت اليه. لا ينتظر شيء آخر بعد هذا. ولكن لا تصل الى الله بصورة نهائية لأنه دائما أبعد من الطريق. جاذبيته انه لا يوقف جاذبيته فيك. هو دائما أمامك وهو ما رأيته أمس، وما ستراه غدا ولكنه دائما جديد. انه لا يعتق. انه يريد ان يظهر لك جديدا حتى لا تعتق انت. ان وصلت اليه غدا لا تراه أجمل مما كان. انت تكون أصبحت أجمل. انت تدرك الرب في فاعليته اي في انعكاسه فيك. هو رب السماء والأرض بمعنى انه ينزل دائما الى الأرض والأرض قلبك.
انت لا تحس انه في السماء الا إذا شعرت انه في قلبك. ما لك سوى قلبك اي الله نفسه في قلبك. انت لا تسمو اليه الا إذا شعرت به ساكنا في روحك. عند ذاك يصح فيك قول من قال: “انا من أهوى ومن أهوى انا”. هذا هو سر الحب الإلهي. انت ان اختطفك حبه تصير ذاتك فتسكن.
جريدة النهار
04 تشرين الأول 2014