دير في أبوظبي يعود إلى القرن السَّابِع للميلاد يفتح أمام الزّوار
لقد افتتح للزّوار دير عمره 1400 سنة، وهو الموقع الأثريّ المسيحيّ الوحيد الّذي يعود إلى حقبة ما قبل الإسلام في تلك النّاحية.
يقع الموقع في جزيرة صير بني ياس في أبوظبي ويعود إلى العام 600 للميلاد. لقد بنته شركة رهبانيّة من 30 إلى 40 راهبًا، وقد اتّضح أنّ رحّالة مسافرين من الهند قد شيّدوه.
تمّ الكشف، عام 1992، عن الكنيسة وكنيسة أخرى صغيرة وبرج خلال دراسة أثريّة في المنطقة. عملية التنقيب تستمرّ مع توافد الزوّار ابتداءً من 18 كانون الأوّل 2010.
الدكتور جوزيف إلدرز (Joseph Elders)، المسؤول عن المشروع، قال لصحيفة إماراتيَّة اسمها “ذي ناشيونال” (The National): “فَتْحُ الموقع للزّوار يشكل نقطة تحوّل في التّطوّر السّياحيّ للجزيرة، ونحن نحاول اكتشاف المزيد من الحياة السّابقة وأخبار النّاس الّذين كان لهم الدّور الأساسيّ في خلق تاريخها المدهش”.
“منذ عشرين سنة، لم يكن لدينا فكرة أنّ المسيحيّة وصلت إلى الحدّ الجنوبيّ والشّرقيّ من الخليج العربيّ. هذا يُظهر أنّ المسيحيّة وصلت إلى أمكنة أبعد بكثير ممَّا كنّا نعرف قبلًا… ليس لدينا أديار كثيرة من هذه الحقبة”. لقد انتشرت المسيحيّة في الخليج ما بين العامين 50 و350 ميلاديّ، وسكّان الدّير كانوا في أغلب الظّنّ من الكنيسة النّسطوريّة (الكنيسة السّريانيّة الشّرقية).
يضيف د. إلدرز أنّ أهميّة الموقع قد تعود إلى من أسّسه. قال إنّ فريقه كشف عن هيكل عظميّ واحد خلال عمليّات التّنقيب؛ وممّا هو ظاهر، يبدو أنّ الكنيسة بُنيت حول هذه الرّفات.
هذا ويُعتَقَد أنّ هذا الشّخص، الّذي ربما كان رجلاً قدّيسًا أو قدّيسًا محلّيًّا، هو السّبب في تكاثر الحجّاج إلى الجزيرة، إذ توجد غرفة مستقلّة للزّوّار لترك الهدايا.
كما عُثر أيضًا، في الدّير، على غرف مزيّنة بصلبان من الجصّ تؤدّي إلى كنيسة صغيرة، فيما بان موقع كان يقيم فيه الرّهبان، وكوّة للماء المقدّس، ومجمرة للطّهي.
يتضمّن تصميم الدّير صحن الكنيسة، والأجنحة الجانبيّة للهيكل، والجصّ، والمدفن، والبرج، وبيت الصّلاة، وغرف الرّهبان، إضافة الى مسكن رئيس الدّير.
وكُشف عن أكثر من 15 نوعًا من الفخّاريّات، إضافة إلى الزّجاجيّات والأواني المستخدَمَة في الاحتفالات والشّعائر الكنسيّة، وقطع من الجصّ المزخرف بعناية، ممّا يوفّر لعلماء الآثار كنزًا ثمينًا من المعلومات عن سكّان جزيرة صير بني ياس في القرن السّابع الميلاديّ وأنماط حياتهم .
رغم أنّ الموقع عمره أكثر من ألف سنة، إلّا أنّ أقدم أثر لتواجد الجنس البشريّ في صير بني ياس يعود إلى أكثر من 7500 سنة، مع مواقع تعود إلى العصرَين الحجريّ والبرونزيّ.
ويُظَنّ أنّ الدّير بقي مأهولًا إلى العام 750 للميلاد، رغم أنّ الإسلام كان قد انتشر في الخليج في ذلك الزّمان.
ويتابع د. إلدرز كلامه فيقول: “إنّ جزيرة صير بني ياس بقيت قائمة حتّى بعد انتشار الإسلام في الخليج، ممّا يشير إلى الانفتاح الفكريّ في تلك الحقبة. بقاء الدّير مأهولًا لقرن بعد وصول الإسلام يُظهر التّسامح الإسلاميّ في منطقة من إحدى أهمّ مناطق تواجدهم.
هذا ونعرف قصصًا كثيرة عن العيش بتناغم”.
نشرة الكرمة
5 تشرين الأول 2014