أسعد قطان، دفّاق الذهب في الميناء

mjoa Friday October 10, 2014 92

دفّاق الذهب
حديث للأخ أسعد قطّان

استضاف فرع الميناء الأخ اسعد قطّان في ٣٠ تشرين الأوّل في قاعة الأخ كوستي بندلي، وذلك حول موضوع سيرة القدّيس يوحنّا الدمشقيّ، دفّاق الذهب. youhana
وقد قسّم قطّان مداخلته إلى ثلاثة أجزاء: السيرة، حرب الأيقونات، كتابات القدّيس وتعليمه.
وفي ما يأتي ملخّص عن الحديث:

١- في السيرة:
هناك سيرة يونانيّة مكتوبة في القرن العاشر تذكر أنّ قدّيسنا ينتمي إلى عائلة كانت مسؤولةً عن بيت المال خلال عهد الأمويّين. وهي تشير إلى أنّه، على غرار أبيه وجدّه، اضطلع بمهمّة أمين الخزينة. ولكن عندما توتّرت علاقته بالحاكم، أصبح راهباً في فلسطين. هذه السيرة اليونانيّة، وهي تستند على الأرجح إلى سيرة عربيّة أقدم منها، فيها بعض الثغرات والمبالغات.
بالاضافة إلى السيرة اليونانيّة، هناك المصادر العربيّة التي تذكر جدّ القدّيس منصور وأباه سرجون، ولكنّها لا تؤكّد زعم السيرة اليونانيّة أنّ القدّيس يوحنّا كان يعمل أميناً للخزينة في البلاط الأمويّ.
فضلاً عن ذلك، ثمّة مخطوطات يونانيّة كثيرة منسوبة إلى راهب اسمه يوحنّا، عاش في فلسطين. ويستشفّ منها أنّه كان يمارس الوعظ هناك، ما يرجّح أنّه اقتبل رتبةً كهنوتيّة.
السؤال الذي يُطرح هو: كيف نتأكّد من أنّ الراهب يوحنّا، صاحب المؤلّفات والعظات، هو إيّاه منصور ابن سرجون، سليل العائلة الدمشقيّة؟
هناك نصّ واحد يقيم الربط بين الشخصيّتين، وهو نصّ اللعنات الصادر عن مجمع هيريا المعادي للأيقونات، والذي انعقد العام 754. هذا النصّ يذمّ القدّيس يوحنّا، مستخدماً اسمه العربيّ منصور، ما يؤكّد أنّ الراهب يوحنّا المدافع عن الأيقونات هو إيّاه منصور ابن سرجون.
بأيّ معنى كان يوحنّا عربيّاً؟ ربّما كانت لعائلته أصول آراميّة. فاسم سرجون آراميّ. أمّا اليونانيّة فكانت لغة الثقافة. والمعروف عن البيزنطيّين أنّهم كانوا يعتمدون سياسة إسكان القبائل في المدن حتّى يتحضّروا، ويندمجوا في المجتمع. فلا شيء يمنع أن يكون يوحنّا قد انتمى إلى عائلة عربيّة أصولها قبليّة، ولكنّها تحضّرت وتيوننت في وقت لاحق.

٢- حرب الايقونات:
الأرجح أنّ حرب الأيقونات لم تكن على العنف الذي تصفه المصادر اللاحقة. ويميل المؤرّخون اليوم إلى الاعتبار أنّ حرب الأيقونات انحصرت في القسطنطينيّة وضواحيها. أمّا السبب الذي دفع القياصرة إلى شنّ هذه الحرب، فهو حتّى اليوم غير واضح. ولكن من المرجّح أنّه يرتبط بالسؤال الذي طرحه البيزنطيّون: لماذا أعطى الله الغلبة للمسلمين؟ لقد حاصر المسلمون القسطنطينيّة مرّتين (674-678؛ 717-718)، ولم ينجّها إلاّ موقعها المنيع وأسوارها. ربّما اعتبر الأباطرة أنّ الله يعاقب الروم بسبب تعبّدهم المفرط للصور. ويزيد من قوّة هذه الفرضيّة أنّ المصادر تشير إلى المبالغات التي كانت تشوب إكرام الأيقونات، مثل خلط الألوان بدم المسيح.
٣- كتابات القدّيس وتعليمه:
وضع يوحنّا ثلاثة كتب في الدفاع عن الأيقونات، والأوّل أهمّها. اللافت أنّه كتب من القدس عن أمور كانت تجري في القسطنطينيّة. حجّته الأساسيّة هي أنّ الله تجسّد وصار مرئيّاً، لذلك نحن نستطيع أن نرسمه. في ما بعد، سيقول المدافعون عن الأيقونات إنّنا لا نرسم طبيعة الله، بل شخص ابن الله المتجسّد. الأمر الثاني اللافت هو قول القدّيس إنّ القيصر لا يحقّ له الحسم في أمور العقيدة. وفي ذلك نوع من الفصل بين السلطة السياسيّة والدين.
     أمّا كتابه «ينبوع المعرفة»، فيقسم إلى ثلاثة أقسام.
القسم الأوّل يحدّد فيه مصطلحات ومفاهيم فلسفية مستمدّة خصوصاً من أفلاطون وأرسطو. الفلسفة، إذاً، مدخل إلى الإيمان بمعنى أنّها تشكّل الأداة اللغويّة للتكلّم على الإيمان.
القسم الثاني هو دحض للهرطقات. معظم المادّة هنا أخذها القدّيس يوحنّا عن كتاب «صيدلة الهرطقات» للقدّيس إبيفانيوس أسقف سلاميس في قبرص.
القسم الثالث مترجم إلى العربيّة تحت عنوان «المئة مقالة في الإيمان الأرثوذكسيّ». هو خلاصة (synthèse) عن أبرز ما ورد في العقيدة لدى الآباء الذين سبقوه، ولا سيّما عقيدتي الثالوث والتجسّد. هذا في حدّ ذاته عمل جبّار وخلاّق لم يقم به أحد قبله. بسبب طريقته المنهجيّة في رصد أهمّ التعليم الآبائيّ وتلخيصه والتعبير عنه بإيجاز يُعتبر القدّيس يوحنّا من أبرز المصادر التي استند إليها معلّمو الكنيسة الغربيّة في القرون الوسطى (المدرسة السكولاستيكيّة)، والذين سعوا إلى وضع العقل في تصرّف الدفاع عن الإيمان وبرهنته. وقد كان لقدّيسنا تأثير كبير في الشرق (فوتيوس، بالاماس) والغرب (توما الأكوينيّ).
وللقدّيس يوحنا أيضاً مجموعة من العظات لم تترجم بعد إلى العربيّة.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share