أمن الناصرة يخرج شيء صالح؟
كلمة تعارف عليها الناس أخذاً عن الإنجيل المقدَّس. قالها نثنائيل المشبع بالتقليد اليهودي والقائم بكل ما يقتضيه الناموس وبالنسبة له هذا العمل كان كل شيء والغاية والهدف.
وكان اليهود يعتبرون منطقة الناصرة في الجليل مركزاً للعصابات التي تعيث في البلاد فساداً حتى صارت مضرباً للأمثال في كل بلاد فلسطين والجنوب اللبناني والسوري وكذلك بلاد الأردن وكانت عصاباتها شديدة البأس فذهب شرُّها مثلاً تؤلَّف حوله الروايات.
وما يستوقفنا هنا هذا الإصرار الإجتماعي على تصنيف الناس وعدم رؤية أو الإقرار بالإمكانيات الكامنة في نفوسهم. ونعمة الله القادرة أن تحوّلهم من أناس موغلين في الشرّ والرذيلة الى رهبان ونساك. ما يريده منا الله بسرّ التوبة ليس أن يتوب الخاطئ بل أن نكون نحن قادرين على تغيير أنفسنا ونظرتنا الى الناس ورؤيتهم كخلائق على صورته ومثاله. وفي النص دعوة أيضاً الى تجاوز القيم الإجتماعية التي يصنِّف الناس بعضهم بعضاً بحسبها وتجاوزها الى معرفة الإنسان معرفة عميقة لعله يظهر عكس ما يبطن كما في روايات عديدة عن الآباء القديسين. ولنا في سيرة القديس دانيال الناسك والبارّة مريم المصرية خير مثال على التحول الذي من الممكن أن يصيبنا أو يصيب كل إنسان ساع الى التوبة والتجدّد.
ونسأل الله أن ينير بصيرتنا لكي نعرف الإنسان الحقيقي وننظر الى نقائه وطهارته ومحبته للناس ورحمته ووداعته لا أن ننظر الى مجتمعه وثيابه وتأنقه الخارجي فهذه قد تخفي آلاماً لا عدد ولا حصر لها.
ألا يقول الرسول بولص: نحن فقراء ونغني كثيرين… ولكنه عندما يتكلم عن نفسه يدعو نفسه بالسقط. ولكن هل كان السقط؟
ألم يتعب أكثر من جميع الرسل.
لقد صدق قول الشاعر هنا:
لا تقل أصلي وفصلي إنما أصل الفتى ما قد حصل
لقد سمَّى اليهود ربنا يسوع المسيح بعلزبول ورئيس الشياطين وما أدركوا أنه هو الذي وضع الناموس وهو القادر وحده أن يغيّر الناموس نحو الأفضل وأن يوصله الى أسمى غاياته.
لأنهم كانوا محكومين بعقلية جامدة لا تتحوّل جعلتهم عبيد الناموس والحرف الذي يقتل. ومن كانت هذه حالهُ لا يمكن أن يتسامى الى نور المسيح وحرية أبناء الله.
جعل الله لنا رسوله أندراوس شفيعاً حاراً في حياتنا.
نشرة البشارة – نشرة رعائية أسبوعية تصدرها أبرشية عكـّــار الأرثوذكسية
30 تشرين الثاني 2014