تسليم جائزة حقوق الإنسان لمطراني حلب المخطوفين. مدينة فايمار – ألمانيا 2014

mjoa Thursday December 11, 2014 82

تسليم جائزة حقوق الإنسان لمطراني حلب المخطوفين. مدينة فايمار – ألمانيا 2014

ja2izat-7oukouk-insan-2014بعد مرور أكثر من عام ونصف على اختطاف صاحبي السيادة والنيافة مطراني حلب بولس ويوحنا، وتكريماً لدورهما الإنساني الكبير، فقد تمّ اختيارهما من بين العديد من المرشحين للحصول على جائزة حقوق الإنسان والتي تمنحها مدينة فايمار في ألمانيا، وهي العاصمة الثقافية لأوروبا، وتمّ تسليم الجائزة في أمسية خاصة مساء يوم الأربعاء 10 كانون الأول 2014 في مدينة فايمار.

وقد توجه قدس الأرشمندريت موسى وكيل صاحب السيادة المطران بولس إلى ألمانيا ممثلاً مطرانية الروم الأرثوذكس بحلب للمشاركة في الحدث واستلام الجائزة.

أقيم مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء 9 كانون الأول في مدينة غوتينغن في مقر منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان، تكلم فيه قدس الأرشمندريت موسى عن الوضع الإنساني الصعب الذي تمر به سورية ومدينة حلب، وإدانة الصمت الدولي المطبق حول قضية المطرانين متمنياً عودتهما إلى مدينتهما ووطنهما بأسرع وقت. كما تكلم كل من رئيس المنظمة ورئيس كتلة النواب في البرلمان الألماني ورئيس الطائفة اللوثرية الإنجيلية في المدينة.

وفي اليوم التالي في مدينة فايمار، قام رئيس البلدية في الساعة 12 ظهراً باستقبال الوفود الرسمية التي ضمت أيضاً صاحب السيادة المطران اسحق متروبوليت ألمانيا وأوربا الوسطى للروم الأرثوذكس يرافقه صاحب السيادة الأسقف يوحنا هيكل، كما وصاحب النيافة المطران متياس نايس المعتمد البطريركي في ألمانيا للسريان الأرثوذكس. وبعد زيارة كاتدرائية المدينة، انتقل الجميع عند الساعة الثانية والنصف إلى قاعة فندق “إليفانت” لإقامة مؤتمر صحفي خاص بالحدث، تكلم فيه كل من صاحبي السيادة والنيافة، وتكلم قدس الأرشمندريت موسى عن أوضاع مدينة حلب وسورية عامة، وشكر اللجان والمنظمات والهيئات التي عملت على ترشيح واختيار صاحبي السيادة والنيافة مطراني حلب بولس ويوحنا لجائزة حقوق الإنسان لعام 2014، وهذا إنما هو رسالة سلامية تخزي الصمت الدولي حول قضيتهما وتحفز المجتمع الدولي على التحرك لإطلاق سراحهما، ورسالة تعزية إلى أبنائهما في حلب الذين ينتظرون عودتهما بفارغ الصبر. ثمّ وفي تمام الساعة السابعة مساء أقيمت الأمسية الخاصة التي تمّ فيها تسليم الجائزة، تخللتها مقطوعات موسيقية وكلمات ترحيب وشكر، وحضرها إضافة لممثلي الكنيستين، رئيس ومجلس مدينة فايمار ورئيس وزراء مقاطعة تورينغن وحشد كبير من الحضور.

كان لقدس الأرشمندريت موسى وكيل صاحب السيادة كلمة بالألمانية مما جاء فيها:

” عشرون شهراً تقريباً مرت على اختطاف صاحبي السيادة مطراني حلب بولس ويوحنا. عشرون شهراً ترافقت مع صمت دولي مطبق حيال مصيرهما. عشرون شهراً مرّت وأبناؤهما في حلب ينتظرون عودتهما بفارغ الصبر.

آتيكم اليوم من حلب، عاصمة سورية الاقتصادية. حلب المدينة الجميلة بآثارها والعريقة بحضارتها، حلب المدينة الجميلة بأبنائها وحبهم لبعضهم البعض مسلمين ومسيحيين. حلب التي حولتها الحرب من أقدم مدن العالم وأعرقها إلى أخطر مدينة في العالم وأكثرها دماراً بعد هيروشيما. حدائقها الرائعة أضحت مقابراً، آثارها العريقة تحولت إلى ركام، وغابت فيها مقومات الحياة، من أمن وخدمات كالكهرباء والماء والطعام والمواد أساسية. حلب التي خُطف أبواها وراعياها المطرانان بولس ويوحنا.

هذه هي حال حلب اليوم إذا ما نظرناها بعيون أجسادنا. لكنني آتيكم اليوم شاكراً وراجياً أن تنظروها، كما ينظرها أبناؤها الصابرون، بعيون قلوبهم، بعيون حبهم لمدينتهم ووطنهم، بعيون حبهم لبعضهم البعض مسلمين ومسيحيين، بعيون حبهم ورجائهم وصلاتهم لعودة راعييهم يوحنا وبولس. لأن القلب أقوى من الحرب والحب أقوى من كل الأسلحة، القلب مصنع السلام والحب هو سلاح السلام الوحيد.

اليوم أفتح لكم قلبي حاملاً فيه قلوب أبناء حلب لأريكم داخلها حلب على حقيقتها. فحلب في قلبنا ليست أخطر مدينة في العالم بل هي أمّنا وأحنّ مدينة في العالم على أبنائها، ليست أخطر مدينة في العالم بل المدينة الأكثر صموداً في العالم. ليست أكثر مدينة مهدمة في العالم بل أكثر مدينة سنعيد إعمارها في العالم. حدائقها كان تفوح بعطر الزهور وهي الآن تفوح بطيب شهدائها الراقدين فيها. آثارها ليست ركاماً بل كل حجرة من حجارها محفورة داخل قلوبنا، ورثنا حبها عن أجدادنا وسنورثه لأحفادنا لتبقى أثراً ضارباً في عمق التاريخ ممتداً إلى رحاب المستقبل. حلب المدينة الجميلة التي رغم غياب كل مقومات الحياة فيها لكنها تبقى بيتنا، نضيء ظلمة لياليها بحبنا ونعبر بها إلى مستقبل مشرق.

وإذا ما نظرتم عميقاً داخل قلوبنا هناك يظهر مكان راعيينا المطرانين يوحنا وبولس، فهما سيدا قلوبنا ملكاها بمحبتهما لنا ولحلب ولسورية كلها، ملكا قلوبنا عندما ذهبا مخاطرين بذواتهما لإحضار الكاهنين المخطوفين، ملكا قلوبنا النازفة ألماً بغيابهما عنا لكنها مشعة بالرجاء ومتقدة بالصلاة لأجل عودتهما سالمين بأسرع وقت، مع جميع المخطوفين.

من هنا، نشكر، باسم أبناء حلب، كل من تعب وسهر وضحى بوقته وتعبه لأجل التحضير لهذه الأمسية. ونقول لهم اليوم، أنتم رسل للمحبة والسلام إلى كل العالم. تكريم مطراني حلب المخطوفين ومنحهما جائزة حقوق الإنسان لهذا العام هو رسالة محبة وسلام إلى كل العالم تبشّر بأن المحبة أقوى من الحروب والسلام أقوى من كل الأسلحة والإنسان هو صورة الله وأغلى ما في الوجود. نشكركم ونشكر كل من يصلي لأجل عودة صاحبي السيادة والنيافة، كما ونشكر كل أصحاب النيات الطيبة الذين يعملون لأجل عودتهما إلى أبنائهما المنتظرين إياهما بإيمان كبير ورجاء عظيم وعزم جبار، لأجل عودتهما إلى مدينتهما حلب ووطنهما سورية، ليعودا إلى ممارسة رسالة المحبة والسلام والإنسانية التي يحملانها على عاتقهما حتى في أسرهما، ولا يحملها في هذه الظروف إلا الرجال العظماء.

والشكر الأول والأخير هو لله الذي بمحبته تجسد وصلب ومات وقام لأجلنا، والذي من نور محبته تضيء قلوبكم اليوم مشعة برسالة الحب والسلام، والذي نرفع له الدعاء ليشع هذا النور في قلوب خاطفي راعيينا المطرانين يوحنا وبولس وقلوب الجميع فيعود السلام إلى سورية وحلب ويعود راعيانا مع جميع المخطوفين إلى أبنائهم وذويهم. آمين”.

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share