الابن الشّاطر – المطران افرام (كيرياكوس)
الابنُ الأصغرُ في هذا المَثَل يمثّلُ إلى الخطأة، والابنُ الأكبر يمثّلُ الفرّيسينَ المُرائين hypocrites، والأب يمثّلُ الله الّذي يستوعب الكلّ. عنوانُ المَثَل الابن الشّاطر أو الضالّ، هو بالأحرى الأب الرحيم.
العودة هي التوبة، وشرطُها الاعترافُ بالخطأ. يقول القدّيس إسحق السّريانيّ: “مَن يعترف بالخطأ أعظم ممّن يقيم الموتى”، ويضيف: “كلّ من اعترف بخطاياه (اعترف أنّه أخطأ، أنّه ضعيف) هو كَمَن ينتقل من الموت إلى الحياة”. ويقولُ القدّيس يوحنّا الدمشقيّ في كتابه الإيمان الأرثوذكسيّ: “التوبة الحقيقيّة لا تكون بدون تحسّر ودموع”.
نتابع قصّة المثل: الحلَّة الأولى رمزٌ للخلاص “تبتهج نفسي بالربّ لأنه ألبسني ثوب الخلاص، وسربَلَني حُلَّةَ السّرور، ووضع عليّ تاجاً كالختن ومثل العروس زيّنني تزييناً” (أشعيا 61: 10). الخاتم رمزٌ للسلطان، والحذاء إشارة إلى الحريّة.
نجد في هذا المثل العلاقة بين الوالد وولَده، بين الأب وابنه، بين الإنسان والله. يقول المثل عن الابن الشاطر “سافرَ إلى بلدٍ بعيد عائشاً في الخلاعة. (débauche) (15: 13). هل الخلاعة هي الزنى فقط؟ الزنى الروحي حسب أنبيائنا هو الانفصال عن الله وعن وصاياه.
الخلاعة أن تنخلع عن الآخَر. انخلعَ الابنُ عن أبيه. هذه كانت خطيئتَه. والباقي نتائج تتبع. “رجع إلى نفسه”: هناك امتحانُ الضمير، ساعة وعي. لا يكفي أنه أخطأ، عليه ان يعترف بخطيئته. لا يكفي الاعتراف لله، بل يجب أن تعترف للشخص الذي أسأتَ إليه.
“إذ رآه تحنّن عليه”: الحنان من صفات الله. “ذبح له العجل المسمّن”: المسيح هو الحمل الذبيح من أجلنا في الفصح الآتي.
يظنّ الشباب، بعضهم على الأقلّ، أنّ اللذّات تؤمّن لهم معنى الحياة. لكن بعد مذاقتها تخيّب آمالَهم لأنّها كانت كاذبة. الأب الحنون ينتظر دائماً العودة. هذه هي المحبّة الحقيقيّة. التوبة هي طريق الحياة، هي الحياة كلّها، لأنّ منتهى الطريق هو الله، هو الحياة كلّها.
الابنُ الأكبر يمثّل الصدّيقين المتطرّفين (التكفيريّين) الّذين، بداعي تمسّكهم بالفرائض، يكرهون الخطأة ولو تابوا عن خطاياهم.
إذا كان مَثَلُ الفرّيسيّ والعشّار يعلّمنا التواضع، فمَثَلُ الابنِ الشّاطر يقودنا إلى الاعتراف الصادق بخطايانا، يقودنا إلى الفرح الحقيقيّ عن طريق التوبة، العودة إلى الله ومحبّته ووصاياه. يقودنا إلى الفصح.
نشرة الكرمة
08 شباط 2015