“لا تكنزوا لكم كنوزًا على الأرض” – المطران جورج (خضر)

mjoa Thursday February 19, 2015 157

“لا تكنزوا لكم كنوزًا على الأرض” – المطران جورج (خضر)

يقول لنا بولس الرسول في رسالة اليوم: “قد تناهى الليل واقترب النهار”. ها نحن ندع أعمال الظلمة ونُقبل على النور، النور الذي يأتينا في الفصح المقدس. ولكن قبل الفصح يأتينا هذا الضوء الإلهي بالاجتهادات التي سنقوم بها برحمة من ربنا وبفضل منه.

 وقد حدّثَنا الإنجيلي متى عن صوم نقوم به من أجل الله، نقوم به في الخفاء بحيث لا نتظاهر ولا ندّعي، ولكننا نعرفه رحمة من ربنا ونحن نكافح حتى تحصل لنا نعمة الرضا وحتى نتدرّب على أدب الرب ومخافته.

treasure1القضية ليست قضية إمساك عن طعام أو شراب. هي رياضات، تمارين نتمرّن بها على شيء أسمى. طبعًا لا بدّ لنا من أن نُخضع جسدنا بالصوم لكي نروّضه على أن هناك شيئا أفضل من الجسد ولكي نجعله يتحسس بوجود الفقراء. الرحمة بُعد من أبعاد الصوم، وغاية الصوم ان نتدرّب به في مدرسة الرحمة.

قال لنا ربنا اليوم في آخر الإنجيل: “لا تكنزوا لكم كنوزًا على الأرض حيث يُفسد السوس ويسرق السارقون”. أي لا تجعلوا اتكالكم على المال، ولكن اعرفوا أن هناك فقراء يحتاجون إلى هذا المال وان لهم عليه حقا. ليس العطاء صدقة مختارة. ليس لكم رأي في أن تعطُوا او لا تعطُوا. هذا ليس بتصدق، هذا واجب لأن الأرض للناس كلهم، وأموال الأرض للناس أجمعين.

“لا تكنزوا لكم كنوزًا على الأرض لأنه حيث تكون كنوزكم فهناك تكون قلوبكم أيضًـا”. أي اذا اعتبرتم أن المال كنزكم كانت قلوبكم مفعمة بحبه، واذا اعتبرتم ان ملكوت الله كنزكم كانت قلوبكم مليئة بالله. الحياة يجب ألا تكون حيرة بين الله والدنيا بحيث نبقى متردّدين بين المسيح وبين ما هو ليس بالمسيح. لذا فإننا ندخل في جهاد هذا الصوم مُقرّين بأن المسيح هو كل الحياة، وبالتالي سوف ندخل في رصانة المسيح حتى نبني له كنيسة مجيدة لا تقوم بالحجر ولكنها تقوم بالقلوب متآلفة منسجمة.

الصوم جهاد نقوم به كلّ على قدر استطاعته وكما تسمح له عافيته. هذا في ما يختص بالطعام والشراب. ولكننا نقوم به جميعا في ما يختص بالناحية الروحية، أي اننا جميعا مدعوّون إلى المحبة وإلى الغفران وإلى ان نضم الناس جميعًا إلى قلوبنا حتى يضمّنا الله إلى قلبه. فإذا أحببنا الناس كنا أحباء الله، وإن أبغضنا كنا مبعَدين عن الله. الكنيسة المسيحية ليس فيها سوى هذا: أن نحب بعضنا بعضا، وان نجاهد حتى نبقى على هذه المحبة طيلة العمر.

مهما قال الناس بنا ومهما فعلوه، فالناس جميعا أحباء الله وأبناء الله، ولذلك نحبهم ونساندهم، ونصوم عن النميمة حتى يكون لنا جميعا نصيب في محبة الرب. بهذه المشاعر ندخل الصوم المبارك حتى يجعله الله علينا موسم بركات ويُرينا في نهايته فصحًا عظيما مجيدا نتبارك منه بالمحبة والغفران والسلام والفرح.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)

نشرة رعيتي

22 شباط 2015

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share