عيد اليتيم العالمي في صيدنايا

mjoa Friday April 10, 2015 104

yatimعيد اليتيم العالمي
صيدنايا،

        في يوم عيد الطفل اليتيم العالمي استقبل غبطة البطريرك يوحنا العاشر، ممثَّلاً بالوكيل البطريركي الأسقف أفرام معلولي، في دير سيدة صيدنايا البطريركي، كلاً من السيّدة كندة الشماط وزيرة الشؤون الاجتماعية، والسيّد عصام خليل وزير الثقافة، والسيّد حسين مخلوف محافظ ريف دمشق، والشيخ أحمد الجزائري ممثِّلاً عن سماحة مفتي الجمهورية العربية السورية، مع فعاليات رسمية وشعبية ودينية مختلفة من صيدنايا.

        بعد ذلك توجّه الجميع إلى قاعة القدّيس جاورجيوس للمشاركة في الاحتفال بعيد الطفل اليتيم العالمي، والذي دعت إليه ونظّمته وزيرة الشؤون الاجتماعية. تنوّعت فقرات الاحتفال بين كلمات ورقص وشعر وغناء قدّمتها بنات من مياتم ودور رعاية مختلفة. قُدِّمَتْ في نهايتها هدايا رمزية للأيتام كافة.

        وكان لسيادة الأسقف أفرام كلمةً جاء فيها:

بالنيابة عن صاحب الغبطة، يوحنا العاشر، بطريركِ أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، وبالأصالة عن نفسي، أحيّيكم بسلام الرّب يسوع وحنانِ أمّه العذراء. أحيّيكم من هنا، من حيث يرتفع التواضع ليلاقي في قمم جبال صيدنايا رفعةَ عزائم رجالها، ومن حيث تتصلّب الطيبة لتجابه في قساوة صخر صيدنايا صلابةَ شكيمة أهلها، ومن حيث صلواتُ رهبان صيدنايا وراهباتها تتناغم مع قرع أجراسِ أديرتها وكنائسها لترتفع بهم بخورًا يرفع معه محبتَهم فوق عُلُوِّ جبالها ويصقل به دماثة أخلاقهم أحنَّ من عذوبة نسائمها. وأخيرًا أحيّيكم من هنا، من حيث شفاعةُ قدّيسي صيدنايا تظلِّلُنا جميعًا تحت كنف دير السيّدة، حجرِ أساسِ تاريخها، والذي تتحطّم عنده كلُّ مصاعب الملتجئين إلى حماية العذراء مريم.

أحيّيكم في يوم الطفل اليتيم العالمي مثنيًا على مبادرة السيّدة وزيرة الشؤون الاجتماعية، ومصافحًا كلَّ يتيم وشاكرًا كلَّ من يسهر ويعطف ويجود على يتامانا ويتامى العالم أجمع. وهنا لابد لي من أن أشكر اللفتة الكريمة للسيّدة الأولى في زيارتها منذ أيام قليلة إلى ميتم القدّيس غريغوريوس، وما حملته معها من غبطةٍ ارتسمَتْ على وجوه أطفالنا بسمةً وفي طيّاتِ كلمات أحاديثهم تفاؤلًا.

إخوتي، اجتمعنا اليوم في عيد اليتيم هذا فرحًا وألمًا.

اجتمعنا فرحًا، أولاً لأنّنا اجتمعنا من بقاعٍ مختلفةٍ وأطيافٍ متنوّعةٍ على قلبٍ واحد، وثانيًا لأنّنا اجتمعنا لنواسيَ إخوةً لنا عَصَفَتْ بهم رياحُ هذه الدنيا ليكونوا أيتام أبٍ أو أمٍّ.

وأمّا الألم فهو في أن نجعل لليتيم عيدًا، ولا أقصد هنا أن ألغي العيد، بل أن أدعُوَ إلى الرّب إلهنا، أبِ اليتامى وراعي الأرامل، ألا يكون ثمةَ يتيمٌ بعد.

ولكنّنا اجتمعنا، أعزّائي، ليكون بين فرحنا هذا وألمنا هناك أملٌ.

إذ إن اليتيم ليس من فقد أباه أو أمّه وحسب، إنّما يكون الإنسان يتيمَ الفرح الحقيقي، إن بقيت دمعةٌ على وجه يتيمٍ في بلدنا الحبيب، وإن وشَّح حزنٌ وجه أخٍ لنا متضايق أو مهجَّر. ويكون الإنسان أيضًا يتيمَ الحق، إن لم يَقُلِ الحقيقةَ بلا وَجَلٍ. ويكون يتيمَ المعرفة، إن غرق في دياميس الجهل، ولم تكن لديه الرغبةُ أن ينهلَ من مَعِينِ عِلْمِ الله. ويكون يتيمَ المبادئ، إن عَلَتْ مصلحتُه الشخصيةُ على مصلحة الوطن والقريب. ويكون أيضًا يتيمَ الرجاء، إن استطاعَتْ شدةُ الأيام وقوّةُ النوائب أن تُحبِطَ عزيمةَ الأمل فيه. ويتيمَ الحضارة، إن هدم بيديه ما قد بَنَتْهُ سواعدُ الآباء والأجداد. ويتيمَ الإنسانية، إن لم يدركْ أنه قد وُلِدَ من رحمِها كأخٍ لكل إنسان في هذا العالم. ويتيمَ هذا المشرق، إن لم يُدرِكْ أنه متأصلٌ في انتمائه له، وأن تعايشَه مع أبنائه بكلِّ أطيافهم إنما هو ترجمةٌ لإنسانيته. كذلك يكون يتيمَ دمشقَ، إن لم يعرف أن ياسَمينَها قد صبغ بناصع بياضه صفحاتِ تاريخ البشرية، وعَطَّرَ بطيب رائحته نفوسَ من مَرُّوا بأرضها.

وأخيرًا يكون يتيمَ القيامة، إن بقي عند صليب الرّب يبكي عذاباتِهِ ولم يحمل هذا الصليب ليسيرَ مع المسيح في الدرب المفضي إلى القيامة.

فأملنا، أحبَّتي، ألا نزيدنَّ يتامانا يتامى، لذا يجب علينا أن نعمل يدًا بيد ليكون هذا العيدُ منطلقًا كي يَغْمُرَ الفرحُ قلبَ كلِّ حزينٍ، وترتفعَ رايةُ الحق فوق كلِّ ظلم، وتبقى شعلةُ الرجاء مُوْقَدَةً تضيءُ ظلمتَنا إن تَسَرَّبَ إليها اليأس. هكذا، نكون الأبَ والأُمَّ ليتيمٍ فَقَدَهُما، وعندئذ فقط نستحق أن نبعث من سوريا رسالةً إلى العالم أجمع، نبشّرهم فيها أنّنا لسنا بعد يتامى لأن المسيح قد قام حقًا من بين الأموات حالّاً عِقالات الموت، وفاتحًا طريق القيامة لكل ذي بشر.

        بهذه الكلمات أَحْبَبْتُ أن أُعايِدَ يتامانا، فأُعَزِّيهم وأَتَعَزّى بهم، لأننا جميعًا على يقينٍ بأن الناهضَ من بين الأموات والجالسَ عن يمين القدرةِ الإلهيَّةِ هو وَحْدَهُ أبو اليتامى الحقيقي. آمين.

2015-04-04

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share