فوتين – المطران جورج (خضر)

mjoa Thursday May 7, 2015 111

فوتين  – المطران جورج (خضر)

في هذا الأحد الرابع من الفصح تنتصب هامة “فوتين” التي قالت عنها صلاة المساء أمس انها عفيفة، وفي قطعة اخرى وصفتها كما تحدّث عنها الإنجيل انها كانت تساكن رجلا لم يكن زوجها. فلماذا سمّتها طقوسنا العفيفة؟ ولماذا شاءت تقاليدنا الكنسية ان تعرفها باسم القديسة فوتيني أو فوتين التي تعني المستنيرة؟ ذلك أن السيد نفسه يجعل الزواني عفيفات واللصوص مستقيمين إذا تابوا.

www-St-Takla-org--Jesus-with-Samaritan-Woman-06-St-Photiniقال الإنجيل ان يسوع “كان لا بدّ له ان يمرّ من السامرة”، مع ان هذا لم يكن ضروريا، إذ كان باستطاعته ان يمرّ بطريق اخرى. “كان لا بدّ له ان يمرّ من السامرة” اي كان لا بدّ له ان يلتقي هذه المرأة عند بئر يعقوب، عند ماء هو رمز للعهد القديم.

في الأحد الماضي قرأنا في إنجيل المخلّع عن بِركة كانت رمزا للعهد القديم: البِركة لا تشفي المخلّع، لكن السيّد شفى المخلّع. هنا البئر لا تعطي ماء، أو تعطي ماء لا ينفع للخلاص. وعند البئر يأتي يسوع ويقول للسامرية: ليست القضية ان تستقي أنت من البئر، ولكن لكِ أن تستقي من الماء الحيّ الذي أُعطيه أنا. وإذا انت استقيت من الماء الحيّ الذي يتفجّر منّي، فأنت بدورك تصبحين ينبوعًا ومنك يتفجّر ماء حيّ لهذه السامرة.

قال يسوع للسامرية عندما فاتحته بجدل لاهوتي: انها تأتي ساعة وهي الآن حاضرة، حيث لا تعبدون الله لا في هذا الجبل ولا في أورشليم ولكن تعبدون الله بالروح والحق “لأن الرب انما يطلب مثل هؤلاء الساجدين له”؟ أي عليكم ان تتجاوزوا عاداتكم وتقاليدكم، وعلى اليهود أيضا ان يتجاوزوا ديانتهم وانتسابهم، وعليكم ان تجتمعوا معي، وسوف نكون واحدًا مع هؤلاء الاثني عشر الذين يؤمنون بي، وسنتّجه معا نحو الآب. وكما أنا في حضن الآب كذلك أنتم أيضا ستكونون في حضن الآب، فإن الله روح لا يهمّه أمر السامرة أو أمر اليهودية، وليس هيكل أورشليم بشيء، وليست الحجارة بشيء ولا الناموس اليهودي بشيء لكنه كان مرحلة في معرفة الحق. الحق كلّه جاء الآن، والحقّ فيّ، بل الحقّ أنا، فإذا كنتم تعرفونني الآن بالإنجيل، فأنتم في الحق وأنتم في أعماق الله.

معنى قول السيد للمرأة السامرية أن الإنسان سيعرف الله اذا انتسب إلى المسيح، لأن المسيح هو مقرّ الله وهو وجه الله وهو إطلالة الله على الناس. المسيح خلاص الله بل هو الله نفسه، فلذلك من كان فيه كان في الحق. كأن يسوع يقول للمرأة السامرية: القضية كلها أن يكون الله في قلوبكم. يمكنكم ان تتمموا كل الطقوس، وأن تُقيموا كل الصلوات، وتنفّذوا شريعة الله بصورة ظاهرية شكلية، ولن تكونوا لله. ولكن اذا تغيّرت قلوبكم وتنقّت وصارت على تواضع المسيح وعلى وداعة المسيح  وعلى لطف المسيح، اذ ذاك تعبدون الله  بالروح والحق.

جاءت السامرية تستقي ماء من بئر، ولكنها تركت الماء وتركت الجرّة وذهبت بماء آخر، الماء الذي استقته من هذا الشخص العجيب. ذهبت بما جاء الى نفسها، بحنان في روحها، بتغيير في كل كيانها. استغنت عن ماء البئر وعن السامرة وعن الرجل الذي كانت تساكنه، وأعطت نفسها للمعلّم وذهبت تحمله إلى الآخرين. نسيت انها كانت في عطش، وصارت عطشانة لهذا الماء الإنجيلي الجديد، وارتوت بيسوع الناصري وحملته وبشّرت به وأَحبّته وعاشت به فدُعيت فوتين اي المستنيرة.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)

نشرة رعيتي

10 أيار 2015

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share