أن تكون أرضنا سماء – المطران جورج (خضر)

mjoa Monday June 8, 2015 92

أن تكون أرضنا سماء

عادة طيّبة أَلِفْناها الا وهي إعطاء اسم قديس للطفل أو الإنسان الذي يعتمد. قد لا يكون معنى هذا التقليد واضحًا كثيرًا للناس، ولكن الفكرة هي أن ذلك الطفل الذي نقبله في الكنيسة بالصبغة المقدسة انما يجعله الله بهذه التسمية في رعاية أحد القديسين. الأمر الذي نؤمن به هو ان الاسم حضور، أي ان الطفل الذي نسمّيه باسم قديس سوف يتشبّه بالقديس شفيعه. هكذا نرجو وهكذا نصلّي لكي تستقرّ في الطفل خصال ذلك البارّ، لأن في الاسم الذي نُعطي شيئا من الحضور الإلهي وشيئًا من حضور الأبرار. الاسم شبيه بالأيقونة، انه نعمة تُعطى.

المطران--خضرثم عندنا شيء آخر وهو أننا نسمّي الكنائس بأسماء القديسين أو بأسماء بعض الأعياد. وعندما تجتمع رعية ما لكي تُطلق على كنيستها اسم قديس، يكون هذا القديس شفيعًا لكلّ الرعية. الرعية تصمم بذلك أن تقتفي آثاره وأن تتخلّق بأخلاقه أي ان تكون شاهدة للمسيح كما كان هو شاهدا له.

هذه أشياء نأخذها من روح الكنيسة ومن تقليدها. والشيء المهم عندما نتطلع إلى قديس هو أن ننظر إلى الصورة التي رسمَتْه الكنيسةُ عليها. عندما تُقدّمه الكنيسة الينا تُظهر فكرها عن طريق الأيقونة. عندما تمثّل الكنيسة مثلا القديس الياس النبيّ، ترسمه غالبا مخطوفًا إلى السماء على المركبة الناريّة لأنها تُشدّد على أن غيرة الانسان وغيرة الأنبياء تجعلهم مخطوفين إلى الله، مشدودين اليه. وعندما ترسم الكنيسة القديس جاورجيوس دائسًا حيوانًا يُسمّى التنّين، انما تريد بذلك أن تُعلّمنا من وراء الرمز أن الشهيد انما يدوس الخطيئة التي تتآكلنا كالوحش. بذلك تدعونا أن نتمثل بالقديس في كفاحه الخطيئة.

القديس هو الذي يتجنّد للمسيح ضد الخطيئة. هذه هي الحرب الوحيدة التي تستحقّ أن يقوم بها الانسان. «فلنُلْق عنّا كل ثقل والخطيئة المحيطة بنا، ولنُسابق بالصبر في الجهاد الذي أمامنا، ناظرين إلى رئيس الإيمان ومُكمّله يسوع» كما نقرأ في رسالة اليوم (عبرانيين ١٢: ١).

عندما تذهب بالإنسان محبته إلى الموت، إلى إعطاء دمه، يكون هذا الإنسان قد أظهر انه لا يحب على المسيح شيئًا أو أحدا. القديسون ليسوا فقط مثال أُناس أَحبّوا أو أُناس ذوي قيَم، لكنهم مثال لأناس أَحبّوا حتى النهاية. لذلك استطاعوا أن يجاهدوا وأن يغلبوا الخطيئة. هذا ما يطلبه السيّد في قوله في إنجيل اليوم: «من يعترف بي قدّام الناس أَعترف أنا أيضًا به قدّام أبي الذي في السموات» (متى ١٠: ٣٢).

كيف نعترف بالمسيح قدّام الناس؟ بالدرجة الأولى عندما ننشأ في مدرسة القديسين، في الكنيسة التي تُعلّمنا أن المسيح قويّ في أتباعه. فعالية المسيح تظهر في هذا الجسد الضعيف الذي يستطيع بقوة الرب أن يغلب الموت وأن يذهب بشجاعة إلى الموت. الكنيسة سماء على الأرض. هذا التصوّر وُلد في قلوب الشهداء. هكذا تكَوّن تراثنا الطقوسيّ. إن تتلمذنا على الصلاة نكتشف أن النار تنطلق من وجه الكنيسة الدامي أبدا حضورا نورانيا لها في العالم صافيا.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)

نشرة رعيتي

07 حزيران 2015

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share