أحــد الإبن الشاطر

mjoa Wednesday June 10, 2015 213

أحــد الإبن الشاطر

كلمة الراعي: الرعايـــة
سأقوم وأذهب الى أبي وأقول له :
“ يا أبي أخطأت الى السماء وأمامك ولا أستحق أن أدعى لك ابناً فاحسبني كأحد أجرائك ”
هذا ما قاله الابن الشاطر الذي ابتعد عن أبيه. فلما جاء فكر بالخبز الذي يفضل عن الذين يعيشون في البيت الأبوي في الوقت الذي يتضور هو من الجوع، تحرك بالجوع المادي نحو أب ظن أنه اذا ما ابتعد عنه يحيا حينئذ حياته بملئها فلم يجـد في ابتعاده سوى فراغ الخرنوب الذي كانت تخاطفه الحيوانات عليه، فقرر حينئذ أن يرجع الى من كان ينتظر رجعته فرآه من بعيد وتحنن عليه وركض هو نحوه.

يا أحبة، الرب هو وحده “الراعي” الذي مهما ابتعدت الخراف عنه ظانّة أنها تمتلك هكذا “حريتها” يبقى هو متطلعا الى البعيد “فيراها” وعوض أن ينتظرها “يركض” هو اليها لكي يحتضنها في تعبها المضني لأن لا راحة لها حقيقية إلا فيه، ويسمعها صوته العذب القائل لها “أنتِ خرافي ولو ابتعدتِ عني، لقد أماتكِ البعد عني فلا يهمني شيء إلا أنك رجعتِ فتخلصتِ من الموت المحدق بكِ، لن أحاسب بطرقكِ أنتِ، انكِ أتيتِ إليَّ لتجدي عندي خبز الحياة.”
ولكن “الراعي الصالح” هو راعٍ لكل الخراف دون استثناء، إنها خرافه ان ابتعدت عنه أو بقيت الى قربه.
ولذلك، إذا ما جُرِّبَ الذين يبقون في أمانتهم للأب، بألاّ يقبلوا الدخول الى الحظيرة الأبوية لأن أخاهم تركها فقبله الأب فيها عند رجعته وكأنه “لم يحدث شيء”، إذا ما جرَّب الأبكار بألاّ يدخلوا البيت الأبوي “احتجاجاً” على رحمة الأب فحينئذٍ يحسب هذا الأخير “حسابهم الكامل” ويخرج هو اليهم كما ركض تجاه أخيهم لكي “يتوسل” اليهم ألاّ يحرموا أنفسهم من نوره.
وهكذا يبقى الراعي أباً للجميع دون استثناء، إذ أنه الحمل الذبيح الذي يبذل نفسه عن الخراف كلها لكي يخلص الكل ويقبل الجميع الى “معرفة الحق” المحرر من قيود الموت.
ونحن الذين اؤتمناعلى الخراف الناطقة التي دُعيَ عليها اسم الحمل القدوس، نحن الذين ندخل قدس الأقداس مع أننا لا نزال حاملين خطايانا، يَطلب إلينا “الحمل والراعي” أن نحترز لأنفسنا وللرعية التي أقامنا الروح القدس خدماً فيها لنرعى كنيسة المسيح المُفتداة بدم القدوس الذي إذا ما نظرنا اليه يقوينا في رعاية حقيقية تقودنا جميعا اليه واليه وحده. آمين.
مطران عكار وتوابعها
بولس

نشرة البشارة
العدد 8 – في 19/2/1995

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share