أحــد مرفــع اللحم
كلمة الراعي: الصلاة من أجل الأموات وزيــارة المدافــن
يوم أمس كان سبت الأموات. وقد رتبت الكنيسة المقدسة أن يكون هذا النهارسابقا مباشرة لأحد مرفع اللحم حيث تنتصب أمامنا صورة نهوضنا من الموت ووقوفنا أمام الديان العادل. نتذكر أحباءنا الراقدين والكنيسة تذكر في صلواتها جميع الأموات، لا تنسى منهم أحدا إنهم في وجدانها وصلواتها تغلفهم بحنان الأم مبتهلة من أجلهم كي يرحمهم الرب رحمة واسعة ويريحهم في بلدة الأحياء ويفتح لهم أبواب الفردوس ويجعلهم مستوطنين الملكوت ويهب لهم الصفح عما اجترموه في عمرهم بما أنهم محبوَ المسيح “تتذكرهم الكنيسة المقدسة واثقة انهم احياء عند الاله الحي”،
تتذكرهم كأعضاء معنا في جسد المسيح الذي قبل الموت بالجسد ليؤكد مرافقته لنا في موته حتى يكون ذلك عربونا لقيامتهم وقيامتنا في ذاك الذي مات و“قام من بين الاموات دائسا الموت بموته وواهبا الحياة للذين في القبور”. الموت يبقى أليما لأننا نشعر انه يُحدث غيابا للوجوه الحبيبة ولكننا مدعوون ان نلاقيها حقيقة اذا فتشنا عنها في وجه “الحبيب” الذي احبَّنا حتى الموت، لذلك نصلي “اليه” فنجدها “فيه. “اعتاد الناس ان يزوروا المدافن لكي “يبكوا وينتحبوا” علىامواتهم وكأنهم في محاولة ان يخرقوا بانظارهم باب الضريح لكي يتحسَّروا على انحلال جسد عاد الى الارض التي أُخذ منها ويغيب عن أذهانهم ان هذا الجسد يصبح حبة حنطة تزرع لكي تحيا وان قيامة هذا الجسد حاصلة حتما بقوة الذي هو “القيامة والحياة” حينئذ عِبْرَ دموعهم الحقة يتلألأ نور الرجاء فينتصر فيهم على قنوط اليأس القاتل -كم نتمنى أن نَعْدُل عن زيارة يأس تُجدِّد ألمنا ولا تستطيع أن تعزينا البتة بل بالحري تلزمنا بمواقف حزن “اصطناعية” توحي الينا أننا لم نعبِّر كفاية عن حزننا وبالتالي”قصَّرنا” في واجب المحبة تجاه الراقدين فيزداد حزننا الداخلي الحقيقي بشكل لا يطاق. فهل هذا مقبول من أجل كلام الناس؟ كم نتمنى أن يُستعاض عن ذلك “التفجع المصطنع” الذي يؤذينا كثيراً،بالصلاة مع الكنيسة المجتمعة حول “الحمل القدوس الذبيح”، كم نتمنى أن نشترك في كل قداس الهي يُقام في الرعية أو في الاديار وأن نتناول جسد الرب ودمه الكريمين فنتحد به واذ هو عربون قيامتنا نلتقي فيه بالأحبة لأنه فيه وفيه وحده ملتقانا الحقيقي وفيه وفيه وحده يثبت رجاؤنا بالقيامة. آمين.
مطران عكار وتوابعها
بولس
نشرة البشارة
العدد 9 – في 26/2/1995