المؤتمر الصحفي في البلمند
عقد بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الارثوذكس يوحنا العاشر اليازجي مؤتمرا صحفيا، قبيل انعقاد الدورة العادية للمجمع الانطاكي المقدس في البلمند، في حضور المطارنة جوزيف زحلاوي، دمسكينوس منصور وغريغوريوس خوري، الارشمندريت يعقوب الخوري، رئيس معهد القديس يوحنا الدمشقي اللاهوتي الاب بورفيريوس جرجي ولفيف من الكهنة والشمامسة.
استهل البطريرك حديثه بتقديم اسمى عبارات المعايدة القلبية للمسلمين مع اطلالة شهر رمضان الكريم” شهر الفضيلة والتسامح والغفران والعطاء”. متمنيا ان يعيده الله بالخير والسلام على العالم اجمع.
ثم توجه للاعلاميين مؤكدا على اهمية دور الاعلام، بحيث انه “رسالة محبة، ووسيلة لارساء اسس السلام وقبول الاخر والدفاع عن القيم وصون الحضارات . اضافة الى دوره في بناء الانسان، لا سيما في هذه الايام، مع تطور التكنولوجيا وايصالها المواضيع الاعلامية بسرعة عبر الهواتف الجوالة، وتغلغلها في حياة كل انسان وتاثيرها على فكره”.
وشدد على اهمية دور الاعلام في “نشر قيم الحق والعدل في بلادنا الحبيبة”.
وتطرق الى اطلاق المركز الاعلامي في البطريركية بالقول” اردنا ان نتحرر على الصعيد الاعلامي، لذا اسسنا المركز الذي سيتم اطلاقه الخميس المقبل في جامعة البلمند، وذلك ايمانا منا ان الكنيسة معنية بايصال بشرى السلام، باعتمادها على جميع الوسائل المتاحة لايصال صوت الكنيسة الى حيث يجب ان يصل.” متمنيا ان يكون المركز” تلة من التلال الجديدة، ومركز نور لخير انساننا وبلدنا وشعبنا، ولاظهار الحق والمعنى الحقيقي لحياة الانسان”.
واشار الى ان المركز الاعلامي هو ثمرة المؤتمر الانطاكي الذي عقد في حزيزان من العام الماضي. مؤكدا ان توصيات المؤتمر يتم العمل عليها لاثبات” اننا نريد ان نكون رجال فعل وتنفيذ، نخطط لطروحات ونعمل على تنفيذها على ارض الواقع”. وشدد على المركز يشكل وسيلة” تعبر عن صدقنا ما انفسنا، ومع شعبنا الحبيب الطيب، لنؤدي رسالتنا”.
واستعرض اهم المواضيع التي سيطرحها المجمع المقدس في دورته ويضعها على طاولة البحث ومنها دراسة اوراق عمل اللجان المنبثقة عن اعمال المؤتمر الانطاكي الفائت، البحث في المجمع الارثوذكسي الكبير الذي سبق ان حضر لانعقاده منذ السبعينيات على صعيد العالم المسيحي. وقد صدر كتاب عنه حمل اسم “الطريق للمجمع الكبير” لجورج غندور.
واعرب عن اهتمام البطريركية بخدمة ابنائها ومجتمعاتها، بكافة القضايا التي تهم الانسان والكنيسة معا. داعيا المؤمنين من خلال ذلك الى الانخراط في ورشة العمل، والتعاون لحل القضايا العالقة.
وشدد على ان” اولى اهتمامات الكنيسة الارثوذكسية، في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها اوطاننا، رعاية المساكين والمتضررين، والقيام باعمال الاغاثة، والوقوف الى جانب شعبنا الذي يهجر ويقتل ويهان.”
وذكر بقضية المطرانين المخطوفين، ودعا الى رفع الصلاة من اجلهما، ومن اجل كل مخطوف ليعودوا سالمين الى ديارهم.
واكد، في الظروف التي نعيشها اليوم، على” ثوابتنا في العيش الكريم، مسلمين ومسيحيين، ان نحيا عائلة واحدة، تجمع ولا تفرق. وعلى لقاء الاخر وايجاد حل سلمي وسياسي للمشاكل وليس اللجوء الى حلول اخرى للقضايا.”
وأمل بالنسبة لسوريا ان تدفع المجتمعات الدولية الى” ايجاد حل سليم سياسي لها”. وذكر المجتمع الدولي “بعدم الكيل بمكيالين، اذ ان هذا ما نجده تجاه كثير من القضايا”.
واكد بالنسبة للبنان على “ضرورة واهمية دفع المسؤولين لانتخاب رئيس للجمهورية الشاغرة، وعدم شل عمل المؤسسات.” ورحب بالحوار القائم بين اللبنانيين بالقول” اننا ندفع لتفعيله لخير البلد وتشجيع المسؤولين اللبنانيين للاخلاص لوطنهم والعمل على تامين كرامة الانسان على كافة المستويات.” ودعا الى “تجاوز الخلافات، وعدم تعطيل عمل المؤسسات في الدولة”. وتوجه بالشكر للمؤسسات الامنية التي تسعى لابعاد شبح الخوف والارهاب عن بلدنا”. واكد ” اننا جميعا ابناء هذه الديار، وان الحل لا يكون بالهجرة التي نرفضها كما نرفض التهجير. فنحن ابناء هذه الديار، ونحن مكون اساسي فيها مع اخوتنا المسلمين.” وشجع ابناء الكنيسة على” الثبات، والبقاء في ديارهم”.
ونوه بلقاءات البطاركة في الشرق ان على المستوى المسيحي المسيحي او المسيحي الاسلامي او الوطني. معتبرا ان “اي قمة تدفع في المسار الذي نسعى اليه، هي ايجابية ومهمة”.
ولفت النظر الى المساعي القائمة لتوحيد عيد الفصح منذ سنوات”، بحيث ان ما يجمعنا اكثير مما يفرقنا، وعلينا ان نجتمع ونلتقي لنحقق خطوات في مسيرة وحدة المسيحيين”.
وقال” اننا نصلي ونعمل كي نكون رسل السلام، ونبقى نبراثا للحق والسند الحقيقي لشعبن بكل اطيافه”. وركز على ان” دائرة الانماء والتنمية تقدم المساعدات الى جميع ابنائنا بكل اطيافهم. بحيث ان الرغيف الذي يقدم لا يميز بين انسان وآخر وهو يؤكد على ثوابتنا في اننا عائلة واحد واحدة، نحزن معا ونفرح معا. وهذه هي رسالتنا وفرادتنا في البلد.”
وفي الختام قال” ونحن على ابواب شهر رمضان، ورغم كل الظروف، نقول لا تخافوا، سيروا مادام لكم النور، وربنا نور”.
وفي حوار مع الاعلاميين اشار الى ان قضية الخلاف مع الكنيسة المقدسية تعود الى سنتين، وهي تتعلق بناحية تعيين كاهن من الكنيسة المقدسية للخدمة في قطر ومن ثم مطرانا. في حين ان المنطقة عربية وهي تعود لانطاكيا. واسف انه “رغم كل المحاولات والوسائل السلمية لم يتم التوصل لما نرجوه، والمجتمع الدولي متعامي عن هذه القضية التي تجرحنا وتمس علاقتنا”.
وحول المطرانين المخطوفين اكد ان “جواب المجتمع الدولي الدائم ان لا شيئ جديد في القضية”. مشيرا الى متابعة القضية” بكل الوسائل والطرق ومع كافة الجهات”. متمنيا الوصول الى خواتم سعيدة.
وعن الهدف من اطلاق شعلة المركز الاعلامي الانطاكي شدد على ان” هذه محاولة جدية للسعي باتجاه كل ما يهم الانسان وسعادته وما يساهم في تحقيق معنى لوجوده وحياته. وبذلك تكون الشعلة خطوة مهمة لابراز دور الكنيسة الانطاكية وايصال صوتها في الوطن وبلاد الانتشار، تجاه كافة القضايا الانسانية والدينية في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها اليوم”.
وعن التحديات التي يواجهها المسيحيون في الشرق ركز على ان” موقفنا واضح وثابت عبر التاريخ، وقد كانت منطقتنا تتعرض لكوارث عديدة عبر الزمن، وان كانت هذه المرة اقسى من غيرها نتيجة تطور وسائل القتل والتعذيب، الا ان اباء الكنيسة ثبتوا وزرعوا في قلوبنا الثبات. ونحن بكل ثقة ثابتون، قد يهاجر البعض، انما موقفنا البقاء في هذه الارض والثبات فيها.”
وذكر بما قاله البطريرك الراحل اغناطيوس هزيم في سبعينيات القرن الماضي حينما اعلن عن تاسيس الجامعة في ظروف الحرب” ان كان قدر البعض ان يقتل ويهدم، قدرنا ان نبني وان نبقى”.
واستعرض آخر مشاريع البناء في سوريا وهي تدشين كنيسة، وتوسيع مستشفى الحصن.. واكد انه” ليس لدينا الشعور بالخوف، انما نسلك سلوك الرجال، وتلاحمنا يشكل سدا منيعا لكل ما يرسم لتفتيتنا وتقسيمنا”.
ورفض الحديث بمنطق الاقليات. معتبرا ان العد لا يكون على الاصابع. فالدور المسيحي” ريادي في الثقافة والعلم واللغة العربية وفي تاسيس الاحزاب في القرنين الاخيرين. وهذا الدور كافة الافرقاء والطوائف تجمع عليه. نحن لسنا اقلية، وان جارت الظروف علينا عبر التاريخ، وتراجعت اعدادنا بسبب الهجرة من الشرق وغير ذلك، انما هذا لا يجعلنا اقلية. دورنا اساسي في الشرق، ولا احد من غير المسيحيين يقبل او يتصور الشرق الاوسط دون المسيحيين.”
واعلن ان توحيد عيد الفصح يتابع في لجان بين الكنائس المسيحية في العالم وقد اتخذ خطوات متقدمة.
وختم بالقول” على شعبنا ان يعي اهمية ان نكون الى جانب بعضنا البعض، وان نلملم بعضنا ونكون يدا واحدة وعائلة واحدة، ونتحدى بذلك ان نكون مبعثرين او مخترقين. فكل ما يريده الاخر في تفرقتنا يتحقق له. نطلب من الله ان يمنحنا الوعي، في لبنان وسوريا، وكل الشرق، مسيحيين ومسلمين، وان نتذكر تاريخنا المشترك والايام الجميلة التي امضيناها معا، رغم بعض المطبات التي لم تخلو، لنبني بلدنا ووطننا الذي نفتخر به. فالرب يحمينا جميعا ويمنحنا السلام.” ثم اولم على شرف القيميين على المؤسسات الاعلاميين والاعلاميين.