أحـد آباء المجمع المسكوني الأول – مسؤولية الراعي
كلمة الراعي:
مسؤولية الراعي
“احترزوا لأنفسكم وللرعية التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة لترعوا كنيسة الله التي اقتناها بدمه”.
بهذا الكلام توجه الرسول بولس الى خدّام الكنيسة خلال اجتماعه اليهم واذ كان يشعر في عمقه أنهم “لن يروا وجهه فيما بعد” أصبح حديثه اليهم كوصيته لهم.
عبر أساقفة آسيا الصغرى يتوجه بكلامه الى كل الذين سُلّموا أمانة الرعاية في الكنيسة المقدسة في كل مكان وزمان، الى الأساقفة والكهنة والشمامسة، جميع أولئك الذين، بوضع الأيدي، نالوا “النعمة الالهية التي للناقصين تكمّل وللمرضى تشفي” فانتدبتهم “لحفظ الوديعة سالمة الى يوم مجيء ربنا يسوع المسيح”.
الكنيسة، كنيسة الله ولها البعد البشري الناتج عن رعايتنا للخراف الناطقة التي أمّننا الله عليها ولكنها في الأساس كنيسة الله التي فداها الرب يسوع الاله المتجسد، فداها بدم ذكي أُهرق من أجل ان تكون عروساً لسيدها لا شائبة فيها ولا دنس ولا شيء مثل هذا بل تكون مقدّسة، منزّهة عن كل عيب”.
هل ينتصب أمامنا هذا الثمن الذي لا نستطيع ان نحدّه في حساباتنا البشرية والذي افتُديت الكنيسة، أي الجماعة، به؟
هل نعي ان دم القدوس، دم الحمل البريء من كل عيب هو الذي أُهرق من أجل تقديس هذه الكنيسة التي دفع عنها الرب ثمناً ولا أغلى؟
هل ننتبه الى الأمانة التي ليس بعدها أمانة والتي سُلمناها ليس من بشر ولكن من الله نفسه؟ اذا كنّا صاغين الى وصية الرسول بولس هل نحن مستعدون ان نسهر ليلاً نهاراً على القطيع الالهي الذي وُضعت مسؤوليته في أعناقنا؟
ولكن السهر يجب ان يبتدأ بأنفسنا. علينا ان نحترز لذواتنا قبل كل شيء، علينا ان ننتبه الى تصرفاتنا وأقوالنا وطريقة تعاملنا مع الآخرين والاّ فشلت رعايتنا للآخرين اذا وُجد تناقض بين تصرفنا الشخصي وما نطلبه من الآخرين. مثالنا مهم جداً في اداء خدمة الرعاية- حياتنا الشخصية التي تقوّيها الصلاة المستمرة والتي تخمّرها الكلمة الالهية هي التي تعطي مثالاً صالحاً قادراً بنعمة الله ان يوجّه الآخرين حولنا الى طريق الرب فيتعرّفون الى حلاوة محبته.
“من أجلهم أقدّس ذاتي” هذا ما قاله فادي الكنيسة بدمه ولم يكن هو محتاجاً الى تقديسٍ هو مصدره فهل نتبنى هذا الكلام لكي نطلب منه ان ننتبه الى أنفسنا فتتقدّس حياتنا، وننقل برعايتنا هذا التقديس الى الآخرين.
هل نحن مستعدّون ألاّ تغفو لنا عين كي نرعى الاخوة بمحبة من هو وحده “الراعي الصالح الذي يبذل نفسه من أجل الخراف” والذي ليس كالأجير يهرب أمام الذئاب التي لا تشفق على الرعية بل يسير أمامها داعياً ايّاها ان تسمع ليس صوته الشخصي ولكن صوت الختن الالهي الذي وحده اذا سمعته الخراف تلحق به فتنتتقل الى مراعي الخلاص صارخة “الرب يرعاني فلا يعوزني شيء” فتجد فيه الحياة الأبدية. آمين.
مطران عكار وتوابعها
+بولس
نشرة البشارة
العدد 23 – في 4/6/1995